شهد الهيب هوب في المنطقة العربية ظهور العديد من المواهب الجديدة في السنوات الأخيرة، حيث قدَّم الفنانون والمنتجون أساليب جديدة في هذا العالم متكئين على تراث وثقافة بلادهم. ولد ونشأ حليم تاج السر في ليبيا، واعتمد في تأليفه الموسيقي على هويته المرتبطة بجذوره في السودان ما أخرج توليفة فنيّة غنية، عبّر خلالها عن هويته بواقعية ووضوح، واستطاع أن يرسّخ مكانته في ساحة الراب العربي.
أطلق حليم تاج السر أولى إصداراته مع تراك "ويلي ويلي" سنة ٢٠٢١، والذي حصد نسبة مشاهدات عالية خلال الأسبوع الأول من صدوره، وكشف من البداية عن أسلوبه المميز في الكتابة ولهجته التي تدمج بين الليبي والسوداني. حمل هذا الإصدار دلالات سياسية واجتماعية عن حياة الشباب والجيل الجديد، بينما حمل البيت تأثيرات إيقاعية ممطوطة مع اعتماده على إيقاع 808 التراب، وقدّم فلو سلس وديليفري مليئ بالقوافي الذكية والجذابة.
في تعاونه مع دي جي ريو في تراك "فوضى" في ٢٠٢٢، قدَّم حليم تجربة أثيرية داكنة عبر أسلوب هادئ وسرد شخصي عن تجاربه في الحياة. استعان بطبقتين من صوته كاشفًا عن تلاوين كثيفة واقترب من أداء الآر-أند-بي. تبلورت هوية حليم الفنية في هذا الإصدار مع كليب من إخراج رياض عزيز، وانسجمت المشاهد السوداوية مع البارات القاسية "ديما تشقيني وفي فرحي تبكيني". كما أصدر في نفس العام تراك "قلب حديد" الذي تحولت إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعية، وانتقل فيها من السرد الشخصي إلى بارات تبجحية حملت ثيمة التنافس والقوة.
شهد العام ٢٠٢٢ غزارة إنتاجية في مسيرة حليم مع تعاونات منوّعة، جاء أبرزها مع دي جي علو في "تسجيل دخول" مع المزيد من التجريب على صعيد الأداء والكتابة، و"شرارة" التي حكى فيها عن الوضع في السودان. كما أطلق تراك "حروب" وهي من أبرز إصدارات الدريل العربي، وقد حملت تأثيرات تشاؤمية واستعارات غاضبة في الكلمات، وأعطاها دي جي علو إيقاعًا مليئًا بالعينات الإلكترونية المشوّشة التي ناسبت جو الأغنية الحماسي.
شهدت تجربته مع دي جي علو ثنائية الرابر والمنتج التي عرفتها المنطقة، خاصة وأنهما قدّما تعاونات غريزة أثرت المشهد وزادت عليه إيقاعات وأساليب جديدة. في أولى إصداراته للعام ٢٠٢٣ "جزار"، انتقل حليم إلى أسلوب الكلوب راب مستمرًا بالتعاون مع دي جي علو. كشف هذا الإصدار عن رغبته المستمرة في التجريب والخروج من المساحات الآمنة لصوته وأسلوبه. كما أطلق تراك "صولو سكواد" وتابع فيها تقديم هويته الصوتية الفريدة، فوق إيقاع مبني على ضربات الدرامز من إنتاج مشاكل، واحد من أبرز المنتجين في السين السوداني.
استمر حليم بتطوير أسلوبه مع الوصول إلى العام ٢٠٢٤، وتعاون مع فريك في تراك "شنو يا صاحبي" على إيقاع الدريل، صورت مشاهدها في حلبة ملاكمة تناوب فيها مع فريك على أداء البارات بأسلوب صوتي مميز. كما عاد في غرفة ٣٠٨ إلى السردية الشخصية أاصلا عادي وأصلًا ما خطير " على إيقاع تراب.
استطاع حليم في فترة قصيرة أن يضع اسمه على خريطة المشهد، ساعده أداؤه الصوتي القوي على تقديم أكثر من أسلوب، كما ظهرت خياراته الإبداعية في التنقل بين الجنرات الفرعية مثل الدريل والتراب والكلوب. أثبتت إصداراته أن قادر على مجاراة الواقع والأحداث الصعبة التي تحدث في بلاده وتحويلها إلى وقود لفنه وإبداعه.