اقترن اسم جاد شويري عبر السنوات بعشرات الأعمال الخاصة به، والكليبات التي أخرجها للنجوم، من نوال الزغبي إلى ناصيف زيتون ومايا دياب جوزيف عطية. أما هذا العام فظهر اسمه كواحد من المنتجين في أغنية "إليانا" جنني، والتي حققت نجاحًا وانتشارًا واسعًا، وتعتبر من أكثر الأغاني التجديدية في موجة البوب الحديثة، كما تعاون مع جورج وسوف في إخراج أغنيته الأحدث "رقصة اسباني". أعادنا هذا النشاط لجاد شويري مؤخرًا ضمن تجارب مختلفة، لتنذكر كيف انطلقت شخصيته الفنية قبل عقدين من الزمن.
درس جاد شويري بعد تخرجه من المدرسة الأدب الفرنسي، لكن سرعان ما أيقن أن بداخله ميول فنيّة خاصة بسبب حبه للفن من عمر الطفولة، لذا قرر دراسة السينما في جامعة السوربون في فرنسا. تمكن جاد من خطف الأنظار من تجربته الإخراجية الأولى في عمر لا يتجاوز الـ 21 سنة، مع كليب ريدا بطرس "يا مصطفى" سنة 2001 وحاز على الميدالية الفضية في برنامج عن استديو الفن على هذا العمل الإخراجي.
لكن اللحظة المفصلية الأولى في نجومية جاد شويري، كان افتتاح مسيرته الغنائية عبر إطلاق أغنية وكليب "أقولك إيه"، والتي كشفت عن مواهب إضافية إلى جانب موهبته بالإخراج وهي الكتابة والتلحين والرقص. كانت أغنية تقدمية عن ما عهده البوب المصري واللبناني وقتها، كتب جاد الكلمات وأغرقها بصور رومنسية عن الدلع والحب، لكن ما ميّزها فعليًا هو طريقته بالأداء والغناء دون تكلف بل بدافع الشغف. افتتح جاد الكليب بحركات راقصة مستوحاة من البريك دانس، وتشارك بالإخراج مع مارك أبي راشد في مشاهد راقصة على إيقاع التكنو المتداخل مع الطبلة الشرقية.
اقترنت مسيرة جاد الغنائية مع مسيرته بالإخراج، حيث بدأ عام 2004 بإخراج عدد من الكليبات وسرعان ما تبلورت بصمته الإخراجية في هذه الأعمال، مع رؤية فنيّة مختلفة عن ما هو سائد ومع إصراره على كسر النمطية المعهودة في تقنيات الإخراج. ظهرت هذه المقومات في تعاونه مع ماريا في أغنية "العب" من كلمات هاني الصغير وألحان وتوزيع محمد رحيم، وترجم جاد كلمات الأغنية وألحانها في مشاهد مليئة بالتقنيات الجذابة التي تخطف الأنظار.
أطلق جاد ألبومه الأول "المفتاح" سنة 2005، وشارك بتلحين خمس أغاني فيه من أصل 11 أغنية، وقام بإخراج عدد من الأغاني مثل "بناديلك" و"قولي إزاي". كشف الألبوم عن تطور مواهب جاد بسرعة فائقة وإصراره على تقديم صوت شبابي جديد، وتحولت أغاني الألبوم إلى هيتات على الفضائيات، وصار جاد حديث الصحافة بسبب جرأته وأسلوبه غير التقليدي، ليكون واحدًا من أشهر نجوم الألفية.
تعاون جاد بعدها مع عدد من الفنانين بالإخراج وقدم المزيد من الكليبات مع أسماء جديدة مثل أغنية "مين غرّك" لفرقة بودي بو، بالإضافة إلى أسماء موجودة في الساحة ووثقت بقدراته مثل نيكول سابا في كليب "بحبك قوي". كما أخرج كليب لأغنية جوانا ملّاح "هتفضل في قلبي" سنة 2006، وأثبت فيه أنه قادر على ترجمة أي عمل فني ونقل الهويّة البصرية للفنان لو كان هناك اختلافات مع خطه الفني.
اشتهر اسم جاد شويري في عالم الإخراج، وصب اهتمامه على تقديم عشرات الكليبات في هذه الفترة، وتعاون مع أبرز الأسماء في مشهد البوب بالمنطقة. قدم كليب لأغنية عمرو مصطفى "برتاح معاك" سنة 2007 كما عاد بمجموعة كليبات جديدة لـ ماريا منها "إرجعلي تاني"، أمّا الكليب الأبرز فهو تعامله مع الفنان الراحل وديع الصافي في تصوير كليب "يا بنتي".
قدم جاد على مدار السنين مجموعة من الأغاني المنفردة والتي تحولت إلى هيتات، تابع فيها استكشاف صوته وصقل هويته الفنيّة التي ارتبطت بالتجديد وتقديم كل ما هو مختلف. أصدر عام 2011 "كسرتلي السيارة" والتي تحولت إلى هيت في المنطقة أثبت فيها جاد أنه مستمر في الغناء والتلحين إلى جانب الإخراج، كما أطلق في ألبومه الثاني "عيشها كده" .
أخذت اللهجة والموسيقى المصريّة حيّزًا كبيرًا من أعمال شويري، وقد صرّح في أكثر من مقابلة عن حبه للهجة وتحدث فيها، كما قدم معظم أعماله باللهجة المصرية. تعامل جاد مع المشهد المصري أيضًا من ملحنين ومؤلفين، وقد يكون أشهر تعاون هو ديو "إجازة" مع بوسي في 2015، من كلماته وألحان محمد يحيى. دمجت الأغنية بين أسلوب جاد التجديدي والإيقاعات الإلكترونية مع أسلوب بوسي بالغناء الشعبي، وأخرج جاد الكليب بمؤثرات بصرية عالية نقلت الانسجام بينهما.
اشتهر جاد أيضًا بتقديم الديوهات مع مجموعة من الفنانين، ويعتبر ديو "وريني" مع ملك الناصر من أشهر ديوهات الألفية. استمرت هذه التعاونات مع أسماء بارزة مثل هند البحرينية في ديو "برّا" ولولا جفان في ديو "مافيش كده". كما أعاد الفنان وليد توفيق إلى الساحة مع أغنية "دكتور في الحب" في 2022، والتي تعاون على كتابتها مع هيثم شعبان وأخرجها.
هذا وعرف بتقديم مواهب جديدة وتعاونات مع أسماء صاعدة مثل تعاونه الآخير هذا العام 2024 مع سهيلة في أغنية "الصيت"، حيث صرّح في واحدة من المقابلات أنه كان حريصًا على تقديم صوت جديد.
نجح جاد شويري في تقديم رؤية فنية متكاملة تجمع بين الإخراج والغناء والتلحين والكتابة، على مدى سنوات من العمل المتواصل والاستمرارية. رغم الانتقادات التي واجهها، تمكن من تثبيت مكانته كواحد من أكثر المبدعين تجديدًا وتجريبًا، سواء من خلال كليباته المميزة التي شكّلت هوية بصرية جديدة للبوب في المنطقة، أو أغانيه التي حملت طابعًا شبابيًا جريئًا، وتمكن من بناء بصمته الإخراجية وهويّة فنيّة متقنة.