لفتت هبة طوجي الأنظار إلى موهبتها منذ عام 2008، عندما لعبت دور البطولة في المسرحية الغنائية "عودة الفينيق". كان الراحل منصور الرحباني قد ألّفها وأخرجها وألّف موسيقاها ابناه أسامة ومنصور الرحباني، لتكون المسرحية امتدادًا لإرث الرحابنة الكبير في المسرح الغنائي الذي أصبحت هبة طوجي جزءًا منه، بلعبها دور البطولة في آخر أربع مسرحيات غنائية للرحابنة. تزامنت انطلاقتها المسرحية هذه مع انطلاق مسيرتها الغنائية المنفردة المثيرة للاهتمام، التي بدأتها عام 2011 بإصدار ألبوم "لا بداية ولا نهاية"، وتبعته ثلاثة ألبومات أخرى في رحلة فنية تخللتها ومضات مشرقة، كمشاركة هبة طوجي في النسخة الفرنسية من برنامج ذَ فويس عام 2015.
في 29 مايو/ أيار من هذا العام، أحيت هبة طوجي حفلها الأول على مسرح الأولمبيا التاريخي في باريس. فيما يلي الحفل، التقت بيلبورد عربية بهبة للحديث عن اللحظات العاطفية والمميزة التي عاشتها عبر هذا الحفل، وعادت معها للتعرّف بشكل أعمق على الرحلة الفنية الفريدة التي أوصلتها إلى هذه الخشبة العالمية العريقة. وصفت هبة اللحظات الخاصة التي عاشتها خلال حفل الأولمبيا، منها وقوفها على خشبة المسرح مع زوجها إبراهيم معلوف الذي دعمها طوال مشوارها الفني، وأيضًا عن شعورها الخاص بوجود ابنها بين الجمهور لأول مرة يشاهد أمه تؤدي أمام آلاف الحضور. عكست هذه اللحظات مدى ارتباط هبة بأسرتها ودعمهم المستمر لها، ما جعل هذه الليلة أكثر تميزًا وتأثيرًا في حياتها المهنية التي أدت العديد من العوامل إلى نجاحها، تكشّفت تلقائيًا خلال حديث هبة طوجي عن شركائها وأفكارها حول الفن والخبرات ومواصلة الشغف.
خصصت هبة طوجي جزءًا من هذه المقابلة للحديث عن الشراكة الفنية الطويلة مع أسامة الرحباني، فأشارت إلى مدى أهمية هذه العلاقة في تطوير مسيرتها الفنية، حيث شكلت أساسًا قويًا لإبداعها وتميزها على مدى السنوات السبعة عشر الماضية. وكان لأسامة الرحباني، الذي أشرف على إخراج حفل الأولمبيا، دور محوري في وصول هبة طوجي إلى ما هي عليه اليوم.
تروي هبة حكاية بداية العلاقة الفنية بينهما، قائلةً: "تعرفت على أسامة لما كنت أنا أول سنة بالجامعة، عم أدرس تمثيل وإخراج ببيروت. كان في صديقة إلي ترقص بفرقة آرابيسك، الفرقة يلي بترقص بأغلبية المسرحيات الغنائية يلي بأنتجها وبألفها أسامة الرحباني.. هي بتعرف قديش عندي شغف بالموسيقى وعندي حلم إنو غنّي دائمًا، وبتعرف كمان قديش عندي إعجاب بأسامة وبكل شي بيعمله، فهي اللي كانت صلة الوصل بيناتنا، ورتبت لقدّم تجربة أداء لأسامة، وهيك صار.. تعرفت عليه، ومن نهارتها لليوم نحن سوا، إيد بإيد بهالمشوار، بتجمعنا رؤية وحدة، أحلام مشتركة، طموح، التزام كتير كبير للشغل يلي منعمله، وفاء كتير كبير، وبنفس الوقت أكيد في تواصل كتير كبير، لأنه أكيد مش هيّن تضلّك عم تشتغل مع شخص هالفترة الطويلة، مهم إنو يكون في تواصل كتير كبير، وإنو كل شخص يقدر يعبّر عن حاله. وأنا بكل هالسنين يلي قطعوا، 16-17 سنة، أسامة كان داعم كبير إلي، وحتى بيخليني إتحدى حالي وروح أبعد وأبعد".
السنوات الطويلة منحت هبة طوجي الكثير من الخبرة، ولم تفقد يومًا الشغف بعد كل الإنجازات التي حققتها، بسبب طريقة التفكير والتحفيز الذاتي التي تدفعها دومًا نحو الأمام، تقول هبة طوجي: "أكيد مع الخبرة بصير أكتر بتقدر تتصرف بظروف معينة، وبتصير بتعرف حالك.. إنت وين؟ إنت مين؟ يعني بتعرف مزبوط أكتر إمكانياتك، وبصير عندك نضوج أكتر بالخيارات والقرارات، كيف بدك تعبّر عن أمر معين، كيف بدك تعبّر عن حالك، وكيف ما تخاف تقول رأيك.. الخبرة أكيد مهمة بمجالنا، بس اللي لازم ما نفقده هو هيدي الطبيعية والعفوية والشغف، وهيدا الشغف بعده موجود عندي، وأوقات بعده بيكبر، ولا مرة بحس لأنو صار في خبرة الفن صار روتيني.. لأ بالعكس، أنا بحس إنو الشغف بالفن شي بيكبر مع الخبرة، والأحلام بتروح أبعد وأبعد والشغل بيصير أكتر، لأنو منصير نسأل حالنا: بعد كل شي عملناه شو ممكن نعمل بعد أحلى وأحلى؟ بتحدّى حالي دايمًا أكتر وأكتر لحتى روح لمحلات أبعد".
رحلة النجاح لا تحتاج فقط إلى آلية تفكير جيدة وإيجابية، بل تحتاج أيضًا إلى بيئة إيجابية تحيط بالفنان، وهو ما أشارت إليه هبة طوجي: "أنا بحس الفنان ما فيه لحاله يعمل كل شي، يعني كمان كتير مهم تكون محاط بالأشخاص الصح، يلي بيدعموك وبيهمهن إنت مين وبيحافظوا على صورتك وبيقدمولك نصائح مزبوطة، ويلي بيعرفوا الأوقات اللي بيعطوك فيها النصيحة، ومش دايمًا كل شي حلو وكل شي منيح"، وتتابع: "أنا بحب دايمًا كون محاطة بالأشخاص يلي عنجد بحبهن وبيحبوني وفي علاقة بتربطنا من سنين، لأني بحب حافظ عالعلاقات لوقت طويل، بحب أسّس هالعلاقات وبحب تضلها معي. بهالطريقة فيك دايمًا تجذب الطاقات الإيجابية، وقت تكون عفوي وطبيعي وعلاقتك مع الفن والناس مش مصلحة".
