كان الجميع بانتظار شيرين عند بداية الألفية، بانتظار صوت شبابي جديد يحمل في طياته عربًا ثقيلة وخفيفة، يناسب جميع الألوان من الشعبي إلى البوب مرورًا بالطرب. عندما دخلت شيرين إلى الوسط الفني كان عليها أن تكتشف نفسها بنفسها، فأسست مع مرور الوقت مكانة خاصة بها في البوب المصري والعربي، حتى صارت أغانيها علامة فارقة في المشهد الموسيقي الحالي، وفي ذاكرتنا الجماعية. نرصد في هذا المقال خمس محطات مهمة في مسيرة شيرين الغنيّة.
آه يا ليل
لا يمكننا الحديث عن مسيرة شيرين دون أن نتوقف عند آه يا ليل، ليس فقط لأنها أغنية مميزة، بل لأن انطلاقةً كهذه تضع أية مغنية في بداية مسيرتها أمام تحدٍّ صعب، وتحتِّم عليها العمل جاهدةً للحفاظ على البريق الأول. رسمت هذه المحطة ملامح صوت شيرين، ووضعت موهبتها الجبارة بين أيدي الجمهور الذي تلقفها مع رغبة بسماع المزيد. حافظت شيرين في آه يا ليل على روح الفتاة الشعبية من النبرة العالية إلى الحركات الراقصة وحتى الموال، فحققت ثورة غنائية في البوب المصري والعربي مع بداية الألفية الجديدة.
ألبوم لازم أعيش
عرفت شيرين موهبتها وقدرتها الفنية ورفضت أن تكون شيرين آه يا ليل فقط، فلم ترد أن تنحصر في اللون الشعبي وحده. خاضت تجربتها السينمائية الأولى في فيلم ميدو مشاكل سنة ٢٠٠٣، لكنه حصر حضورها مجددًا بدور الفتاة الجدعة الشعبية، وبأغانٍ من نفس اللون مثل بالك. ثم جاء ألبوم لازم أعيش الذي شكّل نهاية تعاونها مع نصر محروس سنة ٢٠٠٥، وقدمت فيه أكثر من لون، من البوب العصري في مفيش مرة، إلى العاطفي الحزين في قال صعبان عليه، وديو وبناقص حياتي معاك مع بهاء سلطان. أظهر فيديو كليب الأغنية الرئيسية الجانب الكلاسيكي والحنون من شخصيتها، وهذا ما أرادت للجمهور أن يراه في هذه المرحلة.
ألبوم اسأل عليا
دائمًا ما ارتبطت إصدارات شيرين بمزاجها وبحالتها العاطفية، ولطالما تعرَّضت للوم بسبب شخصيتها الجريئة والصادقة أمام الإعلام. لكن الجمهور أحبها بصراحتها وعفويتها، وأحبّ أسلوبها في نقل تجاربها بتلقائية عند اختيار أغانيها. بدا واضحًا في ألبوم إسأل عليا سنة ٢٠١٢ أنها تمرّ بمرحلة إنفصال، حيث قدّمت والنبي لو جاني من كلمات إيهاب عبده، وأعصابه ثلاجة من كلمات أمير طعيمة وتوزيع طارق مدكور. تعاونت في هذا الألبوم مع شركة روتانا للمرة الثانية، وتابعت استكشاف خبايا صوتها في تعاونات أثرت رصيدها الفني.
طريقي
قدّمت شيرين سنة ٢٠١٥ تجربتها التمثيلية الثانية في بطولة مسلسل طريقي، وهو إنتاج درامي مصري تدور أحداثه في حقبة السبعينيات. غنّت شارة البداية بالإضافة إلى عدد من الأغاني الخاصة بالمسلسل، منها صح وكده من كلمات أمير طعيمة وألحان إيهاب عبدالواحد، وعلى مين الملامة من كلمات نادر عبدالله وألحان وليد سعد. كما قدمت حاسة بيأس من ألحان خالد عز، وقد حملت كل أغاني المسلسل طابع درامي عاطفي يناسب شخصيتها في المسلسل لتشكّل التجربة بالمحصلة محطة بارزة في مسيرتها.
بعدها بأعوام عادت شيرين لتقدّم تترًا بارزًا أيضًا لمسلسل خمسة ونص وغنّت فيه باللهجة اللبنانية للمرة الأولى. خرجت في هذا الإصدار من الكومفورت زون مع كلمات الشاعر علي المولى، وحققت من خلاله نجاحًا كبيرًا، خاصة وأن صوتها تألق بألحان صلاح الكردي دون أن تشكّل اللهجة عائقًا أمامه.
ألبوم نساي
دخلت شيرين عام ٢٠١٨ مرحلة نضج صوتي منتظر، خاصة وأن صوتها كل ما كبر زادت حلاوته وتطورت عربه مع الإيقاع واللحن. كشف ألبوم نسّاي سنة ٢٠١٨ أنها كانت تعيش حالة عاطفية رومانسية، فقدّمت من خلال صوتها إحساسًا عاليًا في الوتر الحساس من كلمات سعود الشربتلي، بينما أعادتنا ألحان محمد رحيم وتوزيع توما بصوت الكيبورد إلى بوب التسعينيات، لتصيب الأغنية كل من سمعها بحالة نوستالجيا. وكررت التجربة في حبه جنة و كلام عينيه، لكنها عادت في طيبة وجدعة إلى الحديث عن صفاتها الحلوة وكأنها تردّ على أي انتقادات قد تطالها شخصيًا: "ده أنا طيبة وجدعة/ يمكن ساعات لاسعة".