يمتلك رامي صبري إجابة واضحة ومحددة على كل ما قد يُطرح عليه من تساؤلات. يعرف تمامًا ما يحب أن يقدّمه كفنان، وما يليق بصوته. يعرف متى تنتهي هويته كملحن ومتى تبدأ هويته كمغني. يدرك كيف تختلف ذائقة المستمعين على اختلاف منصة الاستماع التي يستخدمونها، ويشارك بلا تردد ذوقه الشخصي في الموسيقى. بل ويعرف حتى أي أغنياته دخلت مؤخرًا على قوائم بيلبورد عربية وأي منها حاضرة بثبات. حين جلسنا في هذه المقابلة الحصرية لبيلبورد عربية مع رامي صبري نجم غلاف شهر مارس/ آذار، أظهرت كل جوانب الحديث شخصية صادقة ومباشرة تعرف تمامًا ما تريد بلا تردد أو تلون، وهي الشخصية التي سمحت له أن يسير نحو النجاح بخطى ثابتة ومتواصلة منذ صدور ألبومه الأول "حبيبي الأولاني" عام 2006 وحتى اليوم.
كانت تجربة رامي صبري في عالم الفن قد سبقت ألبومه الأول بقليل حين بدأ بعد دراسته في معهد الموسيقى العربية بالتلحين لعامر منيب وشيرين وأصالة في أغاني شهيرة، قبل أن يتوجه إلى التلحين لنفسه بشكل خاص لتبدأ مسيرته بالغناء كما كان يحلم دومًا: "مكانش الطموح إني أكون ملحّن. الغنا هو اللي كان مسيطر عليا من زمان". ولعقدين تاليين، سيطر الغناء على شخصية رامي صبري، تمامًا كما سيطرت حياته الشخصية على إصداراته الغنائية، فكل ما يقدّمه يجب أن يعبر عنه ويشبهه أو يستلهم من تجارب ومحطات حياته، وإلا فلا يعنيه تقديمه. يبدأ ذلك من عناوين الأغاني، مرورًا بموضوع الأغنية وكلماتها، وانتهاءً بأسلوب توزيع الأغنية. كل هذه العناصر الغنية هي كذلك شديدة الشخصية لرامي صبري، فعند سؤاله عن اختيار تسمية "النهايات أخلاق" لأحدث ألبوماته، قال شارحًا عن مدى شخصية خياراته: "بحس إن اسم الأغنية هو شخصيتي، يعني هو اللي يدل إني بكون شخصية. مكتبتي كل ما بتكبر، أنا عندي شخصية بتكبر."
امتدادًا للفكرة نفسها، انتقل بعد ذلك للحديث عن خصوصية أغنيات هذا الألبوم بالنسبة له، كاشفًا للمرة الأولى السبب خلف اختياره لتقديم أغنية "بين الحيطان": "أنا لما خدّتها هي فكرتني بأخويا اللي توفى من سنتين… لما بسمعها بتلمسني أوي وبحسها، ولما غنيتها أول مرة بكيت، معرفتش أكمل التراك". ينطبق ما ذكره عن هذه الأغنية من أحدث ألبوماته على أول هيت من أول ألبوماته "حبيبي الأولاني"، التي غناها ليروي قصة حصلت له في الماضي حين توفيت حبيبته في سن صغير في حادث أليم.
دفعنا ذكر هذه الأغاني تحديدًا مع نغمة الحزن التي تضغى عليها إلى الحديث عن ربط الجمهور عادةً بين هذه الإصدارات وبين شخصية الفنان الذي يقدّمها، فشرح لنا وجهة نظره حول ميله إلى الإصدارات العاطفية الحزينة: "أنا بحب القصص اللي فيها مواضيع بتمس القلب… وأنا صوتي شوية في الحتة دي أهم وأعمق وأقوى بكتير من الحتت الصغيرة… بمعني يعني الأغاني الخفيفة." ويتابع: " الأغاني الخفيفة حلوة لأنها بتنفعني على المسرح عشان الناس تبقى مبسوطة. وأنا بحبها أنا روحي كده برضو عندي الشخصية دي. إنما في الحزين بحس شخصيتي يعني شبهي." كما انتقل ليشرح لنا عن الفروقات بين الأغاني العاطفية والغنية الإيقاعية السريعة بالنسبة له إلى عملية التلحين، حيث يعتبر أن ارتباط الأغاني الهادئة بشخصيته يجعلها تخرج منه بتلقائية، حيث يعمل على تلحينها بسرعة وبثقة وإنتاجية عالية. أما الأغاني السريعة فتستغرق منه وقتًا كملحن وتشكّل له تحديًا، فيسعى ليقدّم فيها لمسة مختلفة ومجددة بحيث تبرز وسط الأغاني السريعة الرائجة بكثافة على الساحة.
اكتشفنا خلال الحديث تتبع رامي صبري لأخبار قوائم بيلبورد عربية وحضور ومراتب أغانيه عليها، ليشرح لنا حينها أنه من الأشخاص الذين يقدّرون ما أتاحه العالم الرقمي ومنصاته من مصداقية في التعاطي مع الموسيقى. يشرح رامي صبري: "أحلى حاجة فموضوع الديجتال بقالة فترة مش كبيرة أوي، إن هو بعرفك بعينكي أرقامك بجد عاملة إزاي. الناس اللي بتابعك قد إيه؟ الترندات عاملة إزاي؟ إنتي أول تاني سابع عاشر الناس بتسمعك ولا إنتي عندك أغاني مش مسموعة؟ أكتر أغاني مسموعة أو مش مسموعة. الحاجات دي موضوع الديجتال ضابطها أوي". يجد النجم أن البيانات والأرقام تتيح له تتبع أداء موسيقاه وتحليل هذا الأداء، فيعرف كيف يوزان بين ما يرغب بتقديمه وما يحب الجمهور سماعه.
لا تقتصر مواكبة رامي صبري لتوجهات عالم الفن على المنصات الإلكترونية والبيانات والقوائم والتريندات فحسب، بل ويتتبع عن كثب تجربة الجيل الأصغر سنًا في جنرات متنوعة. فعلمنا خلال حديثنا معه مدى اطلاعه على مشهد الراب في مصر، وقد ذكر أنه يسمع إصدارات ويجز وبابلو وعفروتو ومروان موسى، ويجد أنهم حققوا ما يتوجب عليهم اليوم تطويره والحفاظ على تأثيره، بغرض استمرارية الهيب هوب المصري كجنرا. وما بين الجانب الكلاسيكي لشخصيته التي تحب تقديم الأغاني العاطفية الهادئة التي أحبها جمهوره ودعمها، وما بين متابعته للترندات والأصوات الجديدة، وتصميم إصدارات تناسب تيك توك، وتقديم حفلات وعروض حيوية، نجد أن في شخصية رامي صبري الفنية من التوازن ما يؤكد استمرار حضوره بثبات لسنوات طويلة قادمة مع الكثير من المرونة فيما سيقدّمه ويغنّيه ويحكيه.