"اليوم الحلو ده" و"الغزالة رايقة" و"غلبان"، جميعها أغانٍ لاقت نجاحًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة على مستوى العالم العربي. إلا أن العامل المشترك بين هذه الأغاني ليس فقط تصدّرها منصات البث أو أعداد المشاهدات والاستماع المليونية، إنما يتمثل في كاتبة واحدة تحمل أبرز الهيتات المصرية في السنوات الأخيرة توقيعها.
تردد اسم منة القيعي لسنوات في مجال الإعلانات المصرية، قبل أن تجد شغفها في كتابة الأغاني من خلاله وتصبح إحدى أنجح شعراء الأغاني اليوم. "أنا بحب الكتابة، مش بعرف أعرف عن نفسي أكتر من كده" هكذا تبدأ منة حديثها خلال مقابلتها مع بيلبورد عربية، لتخوض بعدها في المراحل الأساسية التي طورت عبرها موهبتها ورؤيتها الفنية.
بدأت رحلة الكتابة مع منة من طفولتها، باستماعها لأساطير الطرب كوردة ومحمد فوزي ووديع الصافي ومحمد رشدي وفريد الأطرش. تقول: "بابايا ومامتي كانوا بيساعدوا قوي في حتة إني من أنا وصغيرة ألاقيهم بيعلقوا على اللحن، بيعلقوا على الكلام، يعني هم سميعة." تمهيد والديها الطريق لها كي تجعل من كتابة الأغاني شغفاً، كان مجرد البداية بالنسبة لمنة، فتخصصت بعلم النفس وبالدعاية والإعلان، وشيئاً فشيء، وجدت طريقها إلى لأغاني: "الإعلانات على فكرة هي المدرسة الأفيد في حتة كتابة الأغاني بالنسبة لي، لأن هي اللي خلتني غصب عني بشكل عفوي، أعتبر إن الأغنية فكرة، مش مجرد شعر."
تنسب منة الفضل نجاحها الأول لحسن الشافعي، الذي أعطاها فرصة تقديم ما عندها، فعملوا معاً على تقديم أغنية "لسا في كمان" التي غناها شادي أحمد، وعاودوا التعاون مجدداً في أغنية أحمد شيبة، "يا دنيا علمينا": "كانت دي هي البداية الحقيقية ليا في حتة كتابة الأغاني اللي بسببها أنا لحد النهارده مستمرة." تكللت استمرارية منة مؤخراً بنجاح أغنية "قلبي يا محتاس" التي غنتها نانسي عجرم ضمن أغاني فيلم "مقسوم". لكنها لم تكن الأغنية الوحيدة التي صدرت كجزء من فيلم لتلقى بعدها رواجاً خارج قاعات السينما، والدليل في أغنية "اختياراتي" التي غناها أحمد سعد العام الماضي ضمن فيلم "مستر إكس".
كذلك فإن التعاون المتكرر مع أحمد سعد كان الدليل الأكبر على نجاحات منة المتكررة، إذ تعاونا سابقاً على أغانٍ أخرى، منها "سايرينا يا دنيا" و"إيه اليوم الحلو ده"، وشهدا معاً نجاحاً كبيراً لأغانٍ كان مخططاً لها أن تكون جزءاً من عمل سينمائي، لا أكثر. تتابع منة حديثها بامتنان: "في ناس بطبيعة الحال كان ليا نصيب وحظ إن أنا الشغل يتحول كمان لصداقة ويتحول لفيوجن كده يعني خلاص زي حد زي أحمد سعد مثلاً." هكذا تصف منة صداقتها مع أحمد سعد: "فكرة أغاني الأفلام كانت بتساعدنا إن احنا غصباً عننا نلاقي مواضيع مختلفة، ما نروحش للتقليدي اللي هو هنتكلم عن حب مثلاً أو فراق."
ابتعاد منة عن المنحى التقليدي في كتابة الأغاني كان سبباً أساسياً لنجاحها، فلم تلتزم بموضوع أو بأسلوب معين في نهجها الإبداعي، إنما اتباعها لهواها كان ومازال السر خلف إبداعها: "بصي معظم الأغاني اللي نجحت اللي ربنا وفقنا فيها، ما خدتش وقت في الكتابة خالص، لدرجة إن أنا بقيت بتفاءل بالأغنية اللي بتتكتب بسرعة وبتتلحن بسرعة، بقيت أحس إن هي حتتسمع بنفس السلاسة اللي طلعت بيها."
لذلك، ومع كل تعاون جديد لها، علمت منة بأنها على النهج الصحيح، متبعةً شغفها الذي أوصلها مع الوقت للتعاون مع فنانين لطالما حلمت بالتعاون معهم، مثل بهاء سلطان. تعلق على ذلك قائلةً: "بهاء سلطان ده كان حلم من زمان، أنا بحب بهاء سلطان جداً، وبتسلطن بصوته جداً، وبشوف إن يا بخته اللي يغنيله بهاء سلطان، ومن زمان نفسي أشتغل معاه" هكذا تذكر منة التعاون الأول لها معه في أغنية "دلوقتي عجبناكو"، وتتابع: "هو عزيز سَمّعها لبهاء سلطان وبهاء غنّاها وكنت سعيدة جداً لأن وقتها كمان ما كانش ليا التاريخ اللي هو كان حدث." أما الأغنية الأقرب لقلبها رغم النجاحات والتعاونات العديدة في الوسط الفني، فهي أغنية م"كاننا في حتة تانية"، التي غناها عبد الباسط حمودة ضمن فيلم "من أجل زيكو"، تشرح: "ممكن تكون مش أكتر أغنية نجحت جماهيرياً، اتسمعت بس مش قد الباقي، بس يمكن علشان كلماتها يعني شبه تفكيري".
مع ذلك، لا زال للتحديات مكان كلما استعدت منة للخوض في رحلة جديدة في كتابة الأغاني، ولعل التحدي الأصعب فيها من وجهة نظرها هو نوع معين من الأغاني التي تعترف منة بعدم قدرتها على كتابته: "جميع أنواع المواضيع والأنماط والحكايات والجنر أنا بحبها وبستمتع بيها، إلا الرومانس، أنا ماعرفش ليه عندي مشكلة في الجزء ده."
وربما يثبت العكس في جديدها مع أحمد سعد الذي تكشف منة لبيلبورد عربية لأول مرة عنه، بقولها: "أغنية اسمها 'تيجي نحارب' إن شاء الله قريباً جداً، هي مختلفة جداً عن اللي أنا متعودة عليه، يعني حاجة من الحاجات اللي هي بتطلع مرة كل سنتين تلاتة كده." كذلك قد تجمع منة تعاونات جديدة مع فنانين لم يسبق لها التعاون معهم من قبل، لكن الأكيد حتى حينها، بأنها مستمرة بتقديم الأعمال التي ترسم البسمة على وجوه مستمعيها: "عايزة دائماً أرتبط في أذهان الناس بشيء إيجابي وسعيد وما فيهوش حزن. مش عايزة الناس تفتكر لي حاجة حزينة، عايزة دايماً يفتكروني يفرحوا."