فور صدورها، احتلت أغنية "لو ناسياني"، لـ ليجي-سي والمنتج إسماعيل نُصرت، مرتبة متقدمة على قائمة بيلبورد عربية هوت 100. وعلى عكس مسيرته المُصنفة ضمن مشهد الهيب هوب، يحلق الفنان الشاب هذه المرة في فضاء البوب بصحبة مُنتج متميز في صناعة الموسيقى الإلكترونية، وبإلهام من أحد أبرز صناع البوب في العالم العربي.
تأثير حميد الشاعري
منذ صولو الجيتار الأول، ستشعر أن هذه الأغنية قادمة من زمن بعيد. شعور يشبه ما تحدث عنه المستمعون عندما سمعوا أغنية "حبيبي ليه" لتوو ليت الصيف الماضي. في الحالتين، خطر اسم حميد الشاعري على الأذهان.
استلهم المنتج إسماعيل نصرت أحد الأساليب الشائعة لدى حميد؛ استخدام الدفوف النوبية بصحبة الجيتار الإسباني والبيانو. وصفة جربها الكابو منذ ثمانينيات القرن الماضي، تحديدًا عندما قدم أغنية "بجيلك من ورا الأحزان" (1989) مع علاء عبد الخالق، من ألحان أحمد منيب. وظهرت بوضوح في إعادة توزيعه لأغاني منيب، ومنها أغنية "يا وعدي على الأيام" (2006).
صنع نصرت لحنًا مفعمًا بالشجن، بسيطًا وسهل التلقي، مكونًا من جملتين موسيقيتين إحداهما للمذهب والأخرى للكوبليه، وأدخل الكيبورد -في منتصف الأغنية- بصوت المزمار الإلكتروني المميز.
الدخول التدريجي إلى البوب
بعيدًا عن اللحن والتوزيع، نجح ليجي-سي في فهم مفردات وتقنيات الأداء الخاصة بالبوب. صحيح أنه لم يقدم أداءً طربيًا، لكنه أيضًا لم يتعالَ على الجنرا أو يدخل عليها دخول الغريب. بل دمج بسهولة بين إحساس الهيب هوب ورقَّة البوب، مضيفًا إليهما بحة صوته المميزة، خصوصًا في المقطع الذي يبدأ بـ "وأنا مهما بنادي وأنادي مين يسمعني". ساعده على ذلك الكلمات البسيطة والجمل التي تشبه الحديث اليومي في الحياة العادية، من دون إغراق في الرومانسية أو الدراما.
تميز ليجي-سي بأسلوب خشن في الإلقاء منذ ظهوره، لكنه بدأ يميل إلى نعومة أقرب للحكي، حتى قبل إصداره الأخير. ولعلنا نلاحظ ذلك بوضوح في تراك "النية" الذي صدر العام الماضي، وكأنه بروفة لتجربة دخول عالم البوب.
وتبلورت التجربة أكثر في ألبومه "بجد" الذي صدر مطلع العام الجاري، وضم ثمانية تراكات كانت أقرب إلى سرد متماسك ومتسلسل لاعترافات ذاتية عن العزلة والاغتراب والصداقة وتفاصيل الحياة اليومية.
في ذلك الألبوم، وانسجامًا مع المعنى الذي يريد تقديمه، وتحررًا من الراب سريع الإيقاع، بدا ليجي-سي أكثر نضجًا مما كان في تجاربه السابقة كرابر، خاصة وقد لجأ إلى أسلوب الـ بوم باب ذو الإيقاع الهادئ، والمتأثر بموسيقى الصول والجاز.
يغامر ليجي-سي، ابن مدينة طنطا الذي دخل "السين" في عمر الخامسة عشر بالخروج من عباءة الراب، واقتحام عالم البوب بوصفه الجنرا المتوجة على عرش الموسيقى. فعلها من قبله ويجز في أغنية "البخت" الأنجح جماهيريًا في مسيرته، وفعلها كذلك توو ليت المولود من رحم الهيب هوب. فهل يستمر في هذا الطريق الجديد، أم يرجع إلى مكانه الآمن في السين؟