تُعد فرقة أوتوستراد من أبرز الفرق الموسيقية التي أثرت في مشهد الإندي في الأردن والمنطقة، إذ قدّمت منذ تأسيسها عام ٢٠٠٧ في عمان مجموعة ألبومات وإصدارات منفردة على مرّ السنين. عرفت الفرقة بأسلوبها المبتكر عبر دمج عناصر من جنرات منوّعة مثل الروك والريغي والفانك مع الأساليب المحلية، واهتمت دائمًا بالتجريب مع الإبقاء على الروح الشرقية مع نفحة من التراث. هذا ودائمًا ما تشعر بعد سماع الأغاني بأنك جالس مع الفرقة في الاستديو، خاصة مع أصوات الآلات المنوّعة والتجريب الصوتي بالغناء. نرصد في هذا المقال العوامل والجوانب المختلفة التي جعلت من أوتوستراد واحدة من أبرز الفرق في مشهد الإندي بالمنطقة.
تطور الأسلوب الموسيقي
أطلقت الفرقة ألبوم حمل اسمها "أوتوستراد"، حمل الغلاف صورة المغني الرئيسي يزن الروسان وكتب تحته بخط من النيون "أقوى نوع". كانت الفرقة في تشكيلتها الأولى قد حملت عازفين مميّزين مثل حمزة أرناؤوط وبشار ووسام قطاونة، استطاعوا أن يقدموا في هذا الألبوم صوت مميز، في اندماجات موسيقية غير متوقعة. اعتمدت بعض الإصدارات على مقدمات موسيقية طويلة مثل "سافر"، التي قدم فيها الغيتار جمل لحنيّة مميزة مع الإيقاع المتسارع، بالإضافة إلى صوت الساكسوفون الذي خرج بنغمات شرقية. كل هذه العوامل جعلت من الألبوم قطعة فنيّة موسيقية أسست لمشهد الإندي في الأردن وبلاد الشام.
أسلوب الكتابة والتجريب الصوتي
تميزت أوتوستراد بأسلوبها الفريد في كتابة الأغاني، حيث استخدمت الكلمات العربية بطريقة تعبر عن حياة الشباب وقضاياهم اليومية. تعكس أغانيهم تجاربهم الشخصية وتطلعاتهم، مما جعلهم قريبين من جمهورهم ومحبوبين في المنطقة. حملت الكلمات ثيمات منوّعة من العلاقات العاطفية مثل أغنية "مش قادر" من ألبوم نيتروجين سنة ٢٠١٥، إلى السفر والترحال في إصدارات مثل "سافر" ومواضيع أخرى حملت حسّ فكاهي مثل "سيبك من أساليبك". إلى جانب الأسلوب الكتابي، كان هناك الكثير من التجريب الصوتي بالغناء إن كان مع المغني الرئيسي يزن روسان أو باقي أعضاء الفرقة، ظهر هذا في أغنية "ماشي بسرعة ألف" حيث اندمجت أصواتهم لتشكيل صوت كورال ذات بعد عاطفي وأداء حيوي.
الاستلهام من التراث
أطلقت الفرقة سنة ٢٠١٧ مشروع "تراثي"، والذي لم يكن مجرد ألبوم موسيقي بل اختلف عن باقي الإصدارات في الاستلهام من الموسيقى المحلية والتراث. استلهمت الفرقة في هذا المشروع من تراث العقبة والرملة والكرك وغيرهم من المدن الأردنية، وإلى جانب الأغاني والإصدارات التي خرجت من هذا المشروع، قدموا حلقات بحثية عن الآلات والأساليب المتنوعة لهذه المدن. حمل كل إصدار من الألبوم تأثيرات مختلفة وتعاونوا مع فرق معنيّة بإحياء التراث مثل فرقة نجوم رم وفرقة العكسي، فأدخلوا آلات مثل السمسمية والمجوز. حققت هذه الإصدارات شهرة في المنطقة خاصة في إصدارات مثل "ردي شعراتك"، والتي تعتبر واحدة من أبرز الاستعادات التراثية من منطقة الرمثا.
التأثير على المشهد الموسيقي
تمكنت أوتوستراد من ترك بصمة واضحة على مشهد الإندي في الأردن، واستطاعت الفرقة أن تلهم العديد من الفرق الموسيقية الصاعدة لاتباع نهج الابتكار والخروج من الصندوق. وصلت أصداء الفرقة إلى المنطقة وبعدها إلى الدول الأوروبية، واشتهرت أيضًا بتميّزها بالأداء الحيّ حيث قدمت مجموعة عروض مميّزة في السنوات الأخير في مصر ولندن، كما قدموا عرضًا مع رشيد طه واستعادو معه أغنية "يا رايح".
استطاعت فرقة أوتوستراد أن ترسم مسارًا فريدًا في عالم الإندي من خلال ابتكاراتها الموسيقية وأسلوبها المتميز في كتابة الأغاني وقدّمت تجربة غنيّة عبر المزج بين التأثيرات الموسيقية المتنوعة والاستلهام من التراث المحلي.