منذ نعومة أظافره، حين كان الأطفال يقضون أوقاتهم في اللعب بالسيارات والدمى، كان راكان كما يلقب نفسه، أو فواز العنزي كما هي هويته، يجد متعته الوحيدة في العزف على البيانو، بينما كان أقرانه يعودون إلى منازلهم لحل واجباتهم المدرسية، كان راكان يتجه إلى آلة الأورغ للعزف بإصرار وعشق كبيرين.
كانت مقطوعة "أنت عمري" لأم كلثوم هي أولى النغمات التي تسللت إلى أذنه، فراح يتعلمها ويعزفها مرارًا وتكرارًا، مما ساهم في تطوير أذنه الموسيقية بشكل ملحوظ. تلك المقطوعة شكلت البداية غير الرسمية لموهبته، حيث زرعت في نفسه الشغف الذي سيثمر لاحقًا في مسيرته الفنية.
شهد العام 2009 الانطلاقة الرسمية لراكان في عالم التلحين، حيث جاءت أولى أعماله بعنوان "قولها"، بالتزامن مع عمله على أغنية "أنسى" بالتعاون مع فيصل الصراف، وأغنية "ليه خايف"، لتكون هذه الأعمال مجرد بداية لسلسلة من الهيتات المتتالية.
كتب راكان 5 أعمال لنجوم مثل حسين الجسمي ونوال الزغبي، واصفاً إياها بأنها "محاولات أقرب إلى الخواطر من الشعر"، معربًا عن توجهه نحو الكلاسيكيات والهدوء، و ميله للنغم الغربي أكثر من الشرقي آنذاك. توالت أعماله التلحينية إلى أن جمع في رصيده أكثر من 112 أغنية، وعاصر جميع أجيال الفنانين من كبار النجوم مثل عبدالمجيد عبدالله، ومحمد عبده، وأصالة، وصولاً إلى الشباب الصاعدين مثل عايض وإسماعيل مبارك وأحمد علوي، وغيرهم.
كان التلحين مؤخرًا للفنان عايض السبب في وصول أغانيه إلى قوائم بيلبورد عربية، وقد أصبح هذا الثنائي مرتبطًا بسلسلة من الهيتات التي جمعتهما، منها أغنية "لمّاح" التي حجزت قمة قائمة بيلبورد عربية لأعلى 50 أغنية خليجية في المركز الأول لثلاثة أسابيع متتالية، تلتها مباشرة أغنية "طاري الزعل" التي لحنها راكان لعايض وأصيل هميم.
في 2020، نجحت أيضًا أغنية "لأني فقت" في تحقيق جماهيرية كبيرة، وأعقبها في 2021 أغنية "لاحول ولا قوة"، لتثبت قوة التناغم بين عايض وراكان، حيث وصف راكان تلك العلاقة قائلًا: "احنا افكارنا قريبه من بعض نحب التغيير نحب نشطح نحب نجدد". هذا الوصف ينطبق تمامًا على أعمال أخرى مثل "خورافية" في 2022، و"ردي" في 2023، التي حصدت جماهيرية واسعة، وجميعها ضمن أكثر من 29 عملاً مشتركاً بين الثنائي الجريء.
ومن ناحية أخرى، كانت الصدفة وحدها وراء انتقال أغنية "مستحيل" إلى أنغام، رغم أنها كانت قد كتبت ولُحنت خصيصًا لعبدالمجيد عبدالله، حيث كلمات الأغنية تُختتم بالإشارة إلى أغاني عبدالمجيد مثل "يا بعدهم كلهم"، و"لو يوم أحد"، و"كيف أسيبك"، إلا أن عبدالمجيد فضّل أن لا يغني نصوص تتعلق وتستذكر أغانيه. هنا، دخلت أنغام على الخط، معربة عن رغبتها في غناء الأغنية كما هي، دون أي تعديل، مما يعكس إبداع راكان ومهارته الفذة في التلحين.
ومن الأعمال التي برزت في مسيرته أيضًا، أغنية "هيفاء لو أقبلت" التي لحنها لمحمد عبده التي غناها في العام 2016، وأغنية "بنت السما" التي لحنها لأصالة في 2021، بالإضافة إلى "اتحبني" في 2020، كما تعاون راكان مع عبدالعزيز المعنى، ما أثمر عن أعمال مثل "أصد" و"نسى نفسه" و"ثلاثتنا" في 2023، جميعها تحمل توقيع راكان الفريد من نوعه.
تجلت عبر مجمل هذه التجارب شخصية راكان كحكاية ملهمة لعاشق الموسيقى الذي سعى بشغفه ليصنع بصمته الخاصة في عالم التلحين، جامعًا بين جسارة الحاضر وجرأة المستقبل، وبين الكلاسيكيات والحداثة.