منذ أشهر والتشويق مستمر لألبوم نجوى كرم الجديد "حالة طوارىء"، فبعد أن سمعنا عددًا من أغانيه بشكل منفرد في السابق، صدرت ليلة أمس 4 أغاني دفعة واحدة. الألبوم الجديد هو الألبوم رقم 22 ضمن مسيرة نجوى الطويلة، التي بدأت في عام 1989 مع ألبوم "يا حبايب". عبر أكثر من ثلاثة عقود، حافظت نجوى على نفس اللون الموسيقي ونفس اللهجة، على عكس كل فنانات جيلها والأجيال اللاحقة التي حاولن التنويع للوصول لجمهور أوسع.
إصرارها على التمسك بصوتها الخاص لم يتعارض مع نجاحاتها لسنوات طويلة. أما مؤخرًا، وخاصة بعد ألبومها الأخير "كاريزما" في 2023، الذي لم يسفر عن أي هيتات حقيقية، بقينا نتساءل عما بإمكان نجوى كرم تقديمه لجمهورها بعد الآن.
جهد جماعي لألبوم فردي
من المثير للاهتمام إلقاء نظرة على قائمة صنّاع الألبوم الجديد. فمن ناحية، تحافظ نجوى على شركاء السنوات الطويلة، فتعود للتعاون مع الملحن والشاعر عماد شمس الدين ونزار فرنسيس. ومن ناحية أخرى تخوض تعاونات مع أسماء شابة مثل الملحن إيفان نصوح، وسليمان دميان الذي تعاونت معه للمرة الأولى لوضع الإنتاج الموسيقي لـ "زين الزين".
أما بعيدًا عن الموسيقى نفسها، ضم هذا الألبوم القفزة كبيرة تستحق الثناء على المستوى البصري، نفّذها المخرج بيار خضرا. أخرج لنجوى فديو كليب لأغنيتي "زين الزين" و"وينك حبيبي" وصنع فيديوهات بصرية (Visualisers) للبقية. ولما باتت كل كليبات نجوى في الفترة الماضية استعراض طويل متواصل لجمالها وأناقتها وشبابها المتجدد، فقد ترك لها بيار هذه المساحة، وبدأ يبني من حول صورتها المركزية، مشاهد جذّابة، وفريمات مدروسة، ونفذ عناصر الإضاءة والألوان بدقة عالية.
حكم أولي
المنتج الموسيقي هادي شرارة وضع توزيعات 3 أغاني "أيا أنا بدك" و"شريك قلبي" و"حالة طوارئ"، إلا أنه لم ينقذ منها من فخ التكرار والملل سوى الأخيرة فقط. "حالة طوارىء" حملت تفاصيل تقنية كثيرة بغاية الجاذبية ومنتهى الذوق، جعلتها أكثر الأغاني جاذبية واختلافًا. ذكرنا بهيتات نجوى في بداية الألفية مثل "تهموني" و"أوعى تكون زعلت"، لكن مع لمسة عصرية.
ثم هناك جوهرة الألبوم "وينك حبيبي"، التي كتبها الشاعر الكبير طلال حيدر، ولحنها الموسيقار الدكتور طلال. أغنية كتبها شاعر قصيدة العامية اللبنانية الذي تغنت بروائعه فيروز ومارسيل خليفة، ولحّنها ملحن سعودي يملك فهمًا عميقًا للأغنية الشامية، فتبدو وكأنها هاربة من أرشيف ملحم بركات. لولا فقط كان التوزيع الموسيقي أكثر جرأة! صوت الرق المتواصل مع الإيقاعات السريعة بات مستهلكًا للغاية في أغنية الليفانتين بوب، ولو كان موزع الأغنية قد فرد مساحة لبعض الكمنجات، وأتاح لآلات متنوعة أن تستعرض الجمل اللحنية ببطء وتأني، لظهرت مواقع قوتها أكثر.
من الواضح بعد استماع سريع لجملة هذه الأغاني أن نجوى كرم تعي حاجتها للتجديد، لكنها في الوقت نفسه تصر على القيام بالأمر على طريقتها الخاصة. وهكذا يأتي صوت هذه الأغاني، يتأرجح بين تفاصيل تشد الانتباه فجأة، ثم سرعان ما تخسر انتباه المستمع.