بعد مرور شهر ونصف على آخر أغانيها، عادت عبير نعمة لتطلق فيديو كليب لأغنية كانت قد أصدرتها سابقًا ضمن ألبوم "بصراحة" عام 2022، لتمنحنا فرصة لتقدير الأغنية من جديد.
وسواء كان بمحض مصادفة أو عن سابق تخطيط من عبير، تختلف أغنية "شو بعمل" كل الاختلاف عن سابقتها "أمل". ومن البيت الإلكتروني الذي قاد التوزيعات الغربية في الأغنية الماضية، نعيد سماع صوت عبير للمساحة الأكثر شرقية في أغنية "شو بعمل" التي كتب كلماتها جيرمانوس جيرمانوس ولحنها أخوها إيلي نعمة.
ملحن وموزع بتوجه واحد
نسج إيلي لحنه باجتهاد، فافتتحه بهدوء على مقام العجم لا (لا ماجور)، ثم سرعان ما يصنع نقلة مقامية إلى الحجاز، ناقلًا معها كل مزاج الأغنية، ودامجًا الغربي بالشرقي بغاية الانسيابية ودون أن يبدو الانتقال هجين، تمامًا بما يناسب صوت عبير الذي ينساب في الغربي والشرقي بنفس الإحساس ودونما حواجز.
لكن الجذّاب في اللحن أنه يسير يدًا بيد مع التوزيعات التي وضعها ألكساندر ميساكيان لتبرز جمالياته. فخلف خط الآلات الشرقية، نسمع خط سترينغات متوارٍ ليصنع هارموني اللحن، فيما تهرب بضع علامات هنا وهناك بصوت الناي بشكل خاطف، ويمهد للحظة الانتقال بين المقامين صولو أكورديون شديد الخفة. أغنية تشعرنا أنها مصنوعة خصيصًا لمن يبحث في يومنا هذا بإلحاح عن أصوات الآلات الحية عوض الأصوات الإلكترونية المسجلة.
الكلمات من جديد.. تحت ضوء الشمس
لا شك في أن اللحن بجاذبيته الكبيرة، يشغلنا عن الكلمات في بادئ الأمر، لكننا كلما سمعناها أكثر كلما علقت في رأسنا التعابير المحملة بالامتنان. ويأتي التقدير هنا من زاوية جديدة تعترف بأن لدى الشريك أو الشخص الآخر ما يكفيه، لكنه لم يمانع مع ذلك أن يحمل معنا ما يثقلنا: "حملت همومي عنّي و أكتر فوقا حملت الإيام/ كل مابغفى كل مابتسهر عأحلامي تَنام".
صنع المخرج رافي طنوس لهذه الكلمات تصورًا بسيطًا يستعرض الثنائيات في مراحل عمرية مختلفة. لكن اللافت فيه كان المشاهد المصورة في الطبيعة وتحت ضوء الشمس، لتظهر عبير وسطها ساكنة لا تغني، وكأنها جزء نتأمله ونتأمل معه ضمن هذه اللوحة المتكاملة.
حكم أولي
مع الاستماعات الأولى للأغنية، نشعر أننا أمام لحن صنعه زياد بطرس لجوليا بطرس، أو ملحم بركات لماجدة الرومي. بل وتذكرنا حتى بأعمال مثل "ما بتركك" لمعين شريف. ذلك لأن الأغنية صُنعت لتحتفي بروح الأغاني اللبنانية الأصيلة، وتعيدنا إلى صوت نود أن ننهل منه المزيد دومًا. وهو إنجاز حققته عبير في أغانيها مثل "بيبقى ناس" و"قهوة" و"وينك"، وكررته في "شو بعمل" وكأن صوتها خُلق ليقدم هذه الأغاني، حتى مع تمكنها من أداء كل الألوان والمدارس دونما رادع.






