"مسيطرة / همشيك مسطرة / هخليك لو شفت بشارع بنت تبُص لورا" انتشرت هذه الكلمات كالنار في الهشيم، بعد أنا جاءت في مطلع أولى أغاني لميس كان، الفتاة التي خاضت تجربة عابرة كممثلة قبل أن تُجرِّب الغناء وتفرض نفسها نجمة بلغة الأرقام مُنذ قرابة السنتين. توحي مُقابلات لميس الإعلامية أن النجاح الذي حققته كان وليد الصُدفة، حيث تُشير بعفويتها إلى أن أغنية مسيطرة كانت أول أُغنية عُرِضت عليها، وكان النجاح حليفها. بالتأكيد لا يُمكن اختصار هذه التجربة بهذه البساطة، واعتبارها ظاهرة فنية وليدة الصدفة وحسب، فهناك دون شكّ العديد من العوامل التي جعلتها تجذب المستمعين.
تجدر الإشارة في البداية إلى أن أرقام المُشاهدات الهائلة التي حققتها لميس كان في أغنيتها الأولى تعذّر عليها إحرازها في أغانيها التالية. حققت مسيطرة أكثر من ٢٨٠ مليون مُشاهدة على يوتيوب وحده، لينفرد هذا الرقم بعيدًا عن أرقام إصداراتها التالية، وإن ظهرت في المرتبة الثانية أغنية مُتمكنة التي حصدت ٤٢ مليون مُشاهدة، بينما لم تتجاوز باقي أغانيها عتبة المليونين. قد توحي الأرقام بأن لميس كان لا تزال عاجزة عن تكرار الظاهرة التي شكّلتها الهيت الأولى، إلا أنه لا يمكن دراسة عوامل نجاح لميس كان بمعزل عن الكاركتر التي تقمّصتها منذ أغنيتها الأولى، أي ؛ المرأة القوية المُسيطرة التي تجنح إلى الغرور. وبالتالي فإن انتشار الأغاني اللاحقة، دائمًا ما يعود ويصب في نفس سياق أغنيتها الأيقونية الأولى ويزيدها نجاحًا.
يبقى أبرز عوامل نجاح لميس كان مرتبطًا بكونها مُغنية لها كراكتر واضحة من السهل فهمها وإعادة تناقلها عبر فيديوهات التيك توك؛ خصوصًا أنها تعتمد في غالبية أغانيها على إطلاق أوصاف على نفسها، بصيغة معبّرة يفضّلها المتفاعلون مع الترندات على مواقع التواصل الاجتماعي. أسماء أغانيها تؤكد ذلك: مسيطرة ومتمكنة ونرفوزة وأنا فوق.. كُلها تُشير إلى حالة شخصية يُمكن تجسيدها.
توجهت لميس كان إلى جمهور تيك توك خصيصًا، ولم تُقدم لهم كلمات معبّرة ومُختلفة فحسب، بل قدّمت أيضًا الرقصات البسيطة التي تُضفي المزيد من المرح على الأغنية ويسهل تقليدها. وبالطبع لا يُمكن إغفال دور الموسيقى الشعبية الراقصة التي اعتمدت عليها بشكل رئيسي.
مؤخرًا أصدرت لميس كان أغنية الحرب العالمية الثالثة، وجاء فيها: "أنا الجديد والمختلف/ عن كل اللي فات". لاتزال النزعة الذاتية وصيغة التكبّر والتعالي والسيطرة تمثل قوام الأغنية الأساسي. لكن إلى أي مدى يمكن المصادقة على هذه الصفات الذاتية؟ وهل سيبقى كاركتر لميس هو محور ما تقدمه موسيقاها؟ أم أنها ستحاول استغلال شعبيتها الحالية لبناء شخصية فنية مختلفة ومشروع فني واضح الهوية؟ وحدها الإجابات على هذه الأسئلة ستظهر مع الوقت إن كنا أمام مشروع مغنية، أم صيحة فنية درجت عبر السوشال ميديا لتشكّل ظاهرة فنية.