في سبتمبر المقبل، تصبح أنغام أول فنانة مصرية تقدم حفلًا على مسرح رويال ألبرت هول العريق في لندن، في إنجاز تاريخي يُحسب لها ويعيد إشعال نقاش قديم على منصات التواصل: من تستحق لقب "صوت مصر"؟ أنغام أم شيرين عبد الوهاب؟
هذا الجدل ليس جديدًا، لكنه يعود للواجهة مع كل محطة مفصلية في مسيرة أي منهما. في هذا المقال، نغوص في الأرقام، النشاط الفني، الأداء الحي، وتفاعل الجمهور، لرصد ما يدعم كل فنانة في هذا السباق الرمزي.
أنغام وشيرين بلغة الأرقام والقوائم
الجمهور يبدأ المقارنات عادةً من حجم التجربة الفنية. أنغام بدأت مسيرتها في الثمانينيات، وأصدرت أكثر من 29 ألبومًا إلى جانب عشرات الأغنيات المنفردة. حافظت على وتيرة إصدار نشطة دون انقطاع، ونجحت في ترسيخ مكانتها في الخليج بإصدار ألبومات كاملة باللهجة الخليجية.
أما شيرين، فانطلقت مع مطلع الألفية وأصدرت 8 ألبومات فقط، لكنها رغم فترات الانقطاع، لا تزال تحتفظ بشعبية جارفة. بعد ألبوم "نساي" (2018)، غابت لعدة سنوات قبل أن تعود في صيف 2024 بأغانٍ لم تصدر رسميًا حتى الآن بسبب خلافات إنتاجية.
مع ذلك، فإن أرقام شيرين على منصات الاستماع لم تتأثر سلبًا. منذ إطلاق قوائم بيلبورد عربية في نهاية 2023، حافظت على حضور قوي، وكانت الفنانة الأكثر تتويجًا في نهاية عام 2024 بفوزها بأربع جوائز، من بينها فنان العام. وعلى قائمة هوت 100، كانت أغنية "كلام عينيه" الأغنية الأكثر تصدرًا للقائمة عبر الأسابيع، كما لا تغيب أغنية "الوتر الحساس" عن القائمة منذ انطلاقتها، وتحتل حاليًا المرتبة العاشرة فيها. واللافت أيضًا وجود أغنيات لشيرين تعود لأكثر من 20 عامًا على القائمة مثل "صبري قليل".
في المقابل، تحتل أنغام هذا الأسبوع المرتبة 37 على قائمة 100 فنان، وتملك أغنية واحدة فقط على قائمة هوت 100 ("هو إنت مين" – من ألبوم "تيجي نسيب")، والتي تحتل حاليًا المرتبة 76 بعد أن بلغت سابقًا المرتبة التاسعة. كما تغيب أغنياتها عن قائمة أفضل 50 أغنية مصري، مما يشير إلى فجوة واضحة في أرقام الاستماع مقارنةً بشيرين.
الأداء الحي: تفوق أنغام؟
في المقابل، تكاد أنغام تنفرد بالأداء الحي من حيث الانتظام والكثافة. خلال السنوات الماضية، قدمت حفلات ناجحة في عواصم عربية عدة. تتصدر مقاطع حفلاتها مواقع التواصل الاجتماعي دومًا بسبب جودة أدائها وتفاعل الجمهور معها. في حوارها مع بيلبورد عربية كنجمة غلاف أكتوبر 2024، قالت: "حفلتي هي روحي"، مؤكدة أن معايير اختيارها للأغاني تراعي كيف ستبدو على المسرح.
أما شيرين، فحفلاتها في السنوات الأخيرة شهدت حالات إلغاء متكررة ، سواء لأسباب شخصية أو غير معلنة. ظهورها المباشر أمام الجمهور بات نادرًا، ما أثر على تواصلها الجماهيري الحي رغم احتفاظها بجمهور واسع.
اللقب... والرمزية
في 2023، سُئلت شيرين في مقابلة على تلفزيون دبي إن كانت الفنانة الوحيدة التي تستحق لقب "صوت مصر"، فأجابت بثقة: "نعم". أثارت هذه التصريحات استياءً واسعًا في الأوساط الفنية.
أما أنغام، فخاضت في 2024 تجربة الإنتاج لأول مرة عبر شركتها الخاصة التي أطلقت عليها اسم "صوت مصر". ورغم الجدل حول استخدام اللقب، أوضحت أنها سجلته كعلامة منذ سنوات، مشيرةً في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي إلى أن هذا اللقب سبق أن نُشر عنها في مجلة "7 أيام"، كما أن والدها قدمها به على المسرح في بداياتها.
في مقابلات قديمة - تعود لأكثر من عشر سنوات - لكل من الفنانتين، مع الإعلامية لميس الحديدي، قالت شيرين إن لأنغام الأولوية دائمًا عند الحديث عن الرقم 1، فيما عبّرت أنغام عن إعجابها بشيرين حين صدور أغنية "آه يا ليل"، قائلة إن مصر أنجبت أخيرًا صوتًا جميلًا جديدًا.
لكن التنافس على مدار أكثر من عقد تطور أحيانًا إلى صراع علني بين النجمتين وجمهورهما، وأحيانًا إلى توتر صامت خلف الكواليس. إلا أن وجود كل منهما على الساحة يبدو أنه دفع الأخرى إلى المزيد من الاجتهاد الفني، خاصةً في ظل غياب أصوات نسائية مصرية كثيرة استطاعت الوصول إلى هذا المستوى من الجماهيرية خلال العقدين الأخيرين.