ما هو العامل المشترك بين المعلق الرياضي رؤوف خليف والمغني حكيم ؟ كلاهما لا يمكن التنبؤ بطلعته، ففجأة، ومن حيث لا تدري تجد المقام يرتفع من طبقة لطبقة تعلو عنها بأمتار، وفي المرتين ستحفظ مغيرًا موودك، وربما حركاتك الإنفعالية. لاحظ بعض محبي الموسيقى وكرة القدم ذلك فصنعوا لهما ريمكس مشترك يجمع بين ألحان أغنية "نار" و "نار يا حبيبي نار" الجملة الشهيرة لرؤوف خليف، في كوفر مميز وخارج عن المألوف لحكيم.
حمل ألبومنا الكلاسيكي لهذا الأسبوع البهجة والفرفشة لصيف العام 1994 بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وصل حكيم حينها منتعشًا بنجاح ألبومه الأول "نظرة"، وكان موزع الألبوم؛ حميد الشاعري قادمًا هو الآخر من تجربة ناجحة في جُنرا الشعبي بالجزء الأول من "شعبيات : برؤية حميد الشاعري" والذي صدر عام 1990، وأعاد فيه توزيع أغاني شعبية من الأكثر رواجًا وحتى المواويل الشعبية. لذا فقد كان الثنائي جاهزًا، بالإضافة إلى أمل الطائر لخلق ثلاثي "ناري" لألبوم أيقوني رسخ اسم حكيم على الساحة الموسيقية الشعبية.
يبدأ الحديث عن الألبوم من الهيت الأبرز الذي أصبح اللحن الرسمي لأفراح التسعينيات "نار"، والتي أتت بإنترو مميز مع صوت الترومبيت، يتمازج مع الطبلة والرق، وإيقاعات مُشوشة أعطت إحساس الأداء الحي. من المدخل ندرك أن حكيم سيلعب على ثيمة الأفراح الشعبية، حيث الكلمات تعبر عن الألم والحزن ومعها المقسوم الشعبي كتمهيد لتصاعد يأتي بعد المقطع الأول، لكنه قرر أن يختصره بدلًا من ذلك ليصعد بالمقام في نصف المقطع الأول، خالقًا النقيض الاحتفالي مع الكلمات الحزينة.
نلاحظ ميل حكيم طوال أغانيه إلى التكرار المبالغ فيه كأداة للتحميس. يتلاعب بالمستمتع بفتح مساحة من الأخذ بينه وبين نفسه يؤديها برتم سريع، كمثال واضح في "حبيته/ وناديته/ ونسيني/ ما نسيته". وقد خلق استعمال الآلات الهوائية مثل البوق والترومبيت لتشكيل ايقاعات بديلة من أداء الأورج والطبل، جوًا كرنفاليًا يستمر على امتداد الألبوم.
ورغم ظهور حكيم بدور المغدور به على امتداد الألبوم، و"العيشة جاية عليه"، ولكنه لا ينسى الغزل الشعبي في "فوق جفونه متاهات/ وفوق عيونه حكايات" في أغنية "حبيبي لو". ولا يفوت حكيم الألبوم دون موال، وحتى في الموال، والذي يمسك بثيمة الصبر معبرًا عن المعاناة، تظهر لمسة حميد وحسن إش إش الاحتفالية والتي تقرر "هشتكة" الموال من بدايته، واختصار مدته الزمنية لخمس دقائق فضلًا عن أن يمتد لسبعة أو تسع دقائق، مضيفًا له أيضًا الترومبيت بحركات لا تتعدى النصف حركة. ويبدو أن حكيم كان معجبًا بالعديد من الجمل الموسيقية في أغاني الألبوم لأنه بنى عليها أغاني أخرى أتت بعدها، فأخذ مثلًا الجملة اللحنية "قاسي قاسي قاسي من غرامه ناسي" من أغنية "جاني"، وأعاد استعمالها ضمن ألبوم "افرض" الذي صدر عام 2000.
وعلى عكس الجو الشعبي، تقرر سونار بالتعاون مع حكيم أن يكون الجو غرائبيًا بكليبات أغاني "نار" و"الحق عليه"، الأول يأتي ساخرًا من الطقوس السحرية بشكل سكيتشي، مع راقصين يؤدون حركات مضحكة وسط حلقة من نار مع وجود خيام، والثاني يظهر به منطاد وعدسة تنتقل بين حكيم والفتاة الريفية التي يعجب بها. شارك في تلحين الألبوم كل من حسن إش إش وعصام كاريكا وحمدي صقر وعصام توفيق، وحكيم نفسه، وأنتجته شركة تسجيلات سونار سلام.