حمل عدوية معه تراث الموال الريفي، ليضيف إليه آليات ولغة الأفراح والأندية الليلية الموسيقية، ناقلًا الميكروفون من القصائد الكلاسيكية والتخت الشرقي، إلى الإيقاع الشعبي والأشعار التي ترتبط بالطبقات العاملة والفئات الشعبية بمواضيعهم ومفرداتهم وطريقة تعبيرهم. بذلك أضحى عدوية ظاهرة موسيقية يُؤرَّخ للغُنا الشعبي بما قبله وما بعده، وإن كانت مسيرته قد شهدت كمًا كبيرًا من التناقضات. فالمغني الذي حققت أول أسطوانة له "السح الدح إمبو"، والتي ضمَّت أغنية واحدةً فقط، رقمًا قياسيًا بالمبيعات عام 1972، وكان نجم الكاسيت لسنوات لاحقة، هو ذاته الذي مُنعت أغانيه من البث في الإذاعة لسنوات وعقود طويلة، وإن بقي محميًا بقوة جماهيرية موسيقية وسينمائية. وبينما أشاد به نجوم مثل فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، فإن رموز عديدة في المجال الفني لم تحبه وقللت من موهبته وهاجمته.
من بين أكثر من ثمانية وعشرين ألبومًا وشريطًا تجميعيًا لأغانيه، كان ألبوم "سهرة مع عدوية" الصادر عام 1985 أحد ألبوماته الطويلة القليلة التي تعدت العشر أغاني. كما أنه جاء بعد عشرة أعوام أو أكثر على انطلاقة مسيرته الموسيقية الإحترافية، وشهد فترة نضوج تجربة عصر الانفتاح في مصر اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا. وفي هذا الألبوم كما في سواه، استمدت أغاني عدوية مفردات عالمها من التراث الشعبي والديني، ولغة الحارات والمناطق الشعبية. ظهر ذلك بوضوح في شراكته مع الشاعر والزجال حسن أبو عتمان، الذي كتب لعدوية معظم أغاني مسيرته، من بين العديد من المهن اليدوية الأخرى التي عمل بها. وبالطبع، فإن غياب أي فلتر عن كلمات أغاني عدوية ورّطه بالعديد من المشاكل خلال مسيرته، فرفضت الإذاعة بثَّ أغنية "كراكشنجي" بسبب تعبير "سبع لحاليح،" الذي رأوه مستمدًا من حلم فرعون مصر في قصة سيدنا يوسف عليه السلام. كما غضب الرئيس السابق أنور السادات عليه بعد جملة "مولد وصاحبه غايب" من أغنية "زحمة". إلى جانب الكلمات، جمع أسلوب عدوية في الأداء الذي بين الغناء التقليدي والموال والمونولوج، ما جعل خطابه أكثر تأثيرًا على الجمهور.
في هذا الألبوم يستحوذ أبو عتمان على تأليف الكلمات، مقابل مشاركة واحدة للريس بيرة، وأغنية فولكلورية واحدة. نجد لمساته متأثرة بلغة الصنايعية في تعابير مثل "هو البكا صنعتك؟" في أغنية "بحب جديد" أو في تعبير "متاخدوناش في دوكة" في مقدّمة أغنية "اتعلموها بقا"، قبل أن يرمي إيفيه "ومتمسكوناش بشوكة، وتاكلونا بمعلقة"، بمعنى أن الطبقات العليا تتعاطى مع الطبقات الأدنى بطريقتها في التفكير، قبل أن يعودوا ليهضموا حقوقهم. نجد أيضًا الاستعادة التراثية في "هواكم سرجي مرجي/ لا حكيم ولا تمرجي". وتُسقط أغنية "حبة فوق وحبة تحت" معانيها أيضًا على التفاوت الطبقي: "يا أهل الله ياللي فوق/ ما تطلوا عاللي تحت/ ولا خلاص اللي فوق/ مش داري باللي تحت"، ثم يستتبعها بجملة "حبة فوق، وحبة تحت" حتى غَدت هذه الجملة الشهيرة رمزًا لفترة الانفتاح في حركة وتبدل الطبقات الاجتماعية بين طبقة المتعلمين وطبقة التجار والحرفيين. كذلك، يبرز تراث الأفراح والتحضير لها في جلسات النساء الخاصة في أغنية "ست الهوانم": "الرنة رنة خلخال / والحنة دم غزال"، أو في أغنيته الموجهة لأمه "سلامتها أم حسن/ من العين ومن الحسد".
اعتمدت الألحان في أغاني الألبوم على التوزيعات البسيطة، والآلات الجامعة بين التخت الشرقي من الكمنجة والناي، مع التخت الشعبي مع الأوكورديون والطبل والشخشيخة والصاجات والدف والترومبيت والأكسلوفون. فردت التوزيعات مساحة للصولوهات، وهي النقطة التي غابت عن التخت الشرقي في الحقبة الكلاسيكية السابقة لعدوية، وأعطت إحساسًا بالعشوائية المنظمة والضجة المفتعلة المعبرة عن روح القاهرة، مع بإضافات من الأفراح الشعبية مثل الزغاريد، أو الزفة البلدي. ويأتي الكورس ليستحضر الحالة الجماعية بترديد بعض شطور الأغاني أو الكلمات القصيرة مثل "آااه"، أو "إيه"، والتلاعب اللغوي الذي يعطي وقع موسيقي مصاحب، ففي "الفرحة دي"، يأتي التكرار لنفس السجع، "الفرحة دي …. والهنا ده / والنقطة دي … للولا ده / والصحبة دي ….. والمسا ده / ده ودا … ودي … ودا" والتكرار في "السح دح امبو"، "يا عم / يا عم ياا/ يا عم يااااا".
يتلاعب عدوية أيضًا أدائيًا بشطر حسن أبو عتمان في أغنية "كله على كله" فيكرر ويوزع نغميًا كلمات: "برة.. واللي برة مين / دحنا.. دحنا معلمين / لو الباب خبط نعرف برة مين". ويطبق الأسلوب نفسه بالطبع في "السح الدح امبو/ ادي الواد لابوه"، الشطر الذي يأخذه من لغة مداداة وملاعبة الأطفال ليضعه في أغنية هيت، مع وصلة من الناي والطبل البلدي، في انتقال غير مبرر أو عقلاني من رجاء صاحب الجمال أن يجد له رفيقة عاطفية ترضى بحالته الضيقة ماديًا واجتماعيًا، وتعوض صبره الذي طال. يعبّر أسلوب تلك الانتقالات الفجائية عن ذكاء مغنيي ونبطشية الأفراح حين يرون أن العرس "واقِع"، أو أن الناس قد ملوا، فيوظفونها في إنعاش الفرح والحضور وبث الحماس فيهم وحثّهم على الحركة أو التفاعل بالصيحات أو الغناء.
تجدر الإشارة أيضًا إلى قدرة أحمد عدوية المميزة على التحور الصوتي والمحاكاة، كأن ينتقل إلى طبقات صوتية أنثوية مثلًا في "سلامتها أم حسن"، مقلّدًا ميوعة النساء حين يخاطبن أم حسن: "جرى إيه يا أم حسن/ لايميها واخجلي/ لا بخور ولا زار بينفع/ لايميها واعقلي".
اشترك في تلحين الألبوم كلٌّ من حسن أبو السعود ومحمود عصفور وفاروق سلامة والشيخ طه، وأنتجته شركة تسجيلات "صوت الحب"، للمنتج الشهير عاطف منتصر. ونتيجة المنع الإذاعي والتعسف الرقابي تجاه أحمد عدوية من جهات إجازة الإصدارات الموسيقية والعرض، فإن الكثير من ألبوماته كانت تُسجّل على فترات متقطعة أو متباعدة، أو تصدر في تتابع أغاني لموسم متواصل. كما كانت تشمل بعض الألبومات أغانيه الصادرة سابقًا بشكل فردي في أسطوانة منفردة بتوزيع وتسجيل ستوديو جديد كما حدث مع "السح الدح امبو" و"بنت السلطان" الصادرتان عام 1969.