يحقق الفنانون المصريون مكاسب كبيرة في اقتصاد البث الموسيقي، إذ كشف تقرير Loud & Clear الأخير من سبوتيفاي عن ارتفاع إيرادات البث الموسيقي التي حصل عليها الفنانون المصريون عبر المنصة بما يزيد عن خمسة أضعاف منذ عام 2022، مع قفزة مذهلة بنسبة 100% بين عامي 2023 و2024 وحدهما. ويدل هذا النمو السنوي المتواصل على أكثر من مجرّد زيادة في العوائد، بل يشير إلى تصاعد الاهتمام العالمي بالإنتاج الموسيقي المصري.
وقال مارك أبو جودة، رئيس الموسيقى في سبوتيفاي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان: "هذه لحظة محورية للموسيقى المصرية. النمو الذي نراه يتجاوز الأرقام، ويعكس تحوّلًا حقيقيًا في كيفية بناء الفنانين لقواعدهم الجماهيرية ومسيراتهم وتأثيرهم الثقافي. البث الرقمي يؤدي دورًا محوريًا في هذا التحوّل، إذ يخلق للفنانين وسائل جديدة ليسمعهم ويكتشفهم الجمهور محليًا وعالميًا. وما كشفناه في تقرير Loud & Clear الذي يعكس هذا الزخم، وهذه البداية فقط".
تتوافق هذه الرؤى مع نتائج تقرير الموسيقى العالمي لعام 2025 الصادر عن الاتحاد الدولي لصناعة التسجيلات الموسيقية (IFPI)، والذي صنّف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كأسرع أسواق الموسيقى نموًا في العالم، ما يعزّز بشكل أكبر التأثير المتصاعد للمنطقة على المشهد الموسيقي العالمي.
الأصوات المستقلة تتصدر المشهد
تكشف بيانات سبوتيفاي سمة بارزة لاقتصاد الموسيقى في مصر: هيمنة المبدعين المستقلين. ففي عام 2024، جاء أكثر من 90% من أرباح البث الموسيقي التي حققها الفنانون المصريون من موسيقيين مستقلين أو شركات إنتاج مستقلة، وهي واحدة من أعلى النسب عالميًا.
أمّا الأنواع الموسيقية مثل المهرجانات والراب المصري، التي كانت تُصنّف سابقًا كموسيقى الشارع أو الأندرغراوند، فقد أصبحت اليوم في صميم اتجاهات الاستماع على المستوى الوطني. وبفضل سردها القصصي العفوي وجمالياتها المرتبطة بالواقع الشعبي، فإن هذه الأصوات المحلية لا تعيد تعريف الهوية الموسيقية في مصر فحسب، بل تجد صدى متزايدًا في الأسواق العالمية أيضًا.
ويتطابق هذا التوجّه مع نمط أوسع تشهده الأسواق الناشئة. فبحسب تقرير Loud & Clear، يشهد القطاع المستقل نموًا سريعًا في دول مثل البرازيل والهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتركيا ونيجيريا، وكلها، مثل مصر، تعيد رسم صورة النجاح العالمي في عصر البث الرقمي.
وتُظهر البيانات عملية تفكيك للهياكل التقليدية للنفوذ الموسيقي، حيث أصبح الفنانون من مناطق لطالما كانت مهمشة يشغلون مساحة أكبر في الذوق السائد وبشروطهم الخاصة.
صوت محلي... وانتشار عالمي
تتوسع البصمة العالمية للموسيقى المصرية، ويُعدّ البث الرقمي هو جواز السفر. ومع توسيع منصات مثل سبوتيفاي لدعمها التحريري، وخوارزمياتها المخصصة، وقوائم التشغيل العابرة للحدود، أصبح الفنانون المصريون يصلون إلى جماهير خارج المنطقة.
وتثير هذه النتائج تساؤلات جوهرية حول مستقبل الاقتصاد الموسيقي في المنطقة: مع ارتفاع الأرباح، هل سيحظى الفنانون بنفوذ أكبر في مفاوضاتهم مع شركات الإنتاج والمديرين؟ هل سنشهد موجة من المشاريع المملوكة للفنانين أنفسهم؟ أو حتى أشكال جديدة من إدارة الحقوق تناسب الأسواق المحلية؟
يأمل سبوتيفاي أن يساهم تقرير Loud & Clear تقديم المعلومات حول الصناعة الموسيقي بأكبر قدر من الشفافية، من خلال توضيح كيفية تدفّق الأموال في اقتصاد البث، وتحفيز نقاشات أعمق بين الفنانين والمديرين وصنّاع السياسات على حد سواء.
ومع استمرار صعود الموسيقى المصرية، يقدّم تقرير Loud & Clear أمرًا واحدًا مؤكدًا: أن مستقبل الموسيقى بات واعدًا أكثر من أي حقبة زمنية سابقة حين يتعلق الأمر بعائدات الحقوق على الفنان، أيًا كانت خلفيته وأينما كان.