لا يزال صدى أغنية قالوا عليكي، التي أصدرها محمد سعيد قبل سنة، يتردد إلى اليوم، فنسبة الاستماع إليها تزداد يومًا بعد يوم، وتم تسجيل عشرات الكَفرات للأغنية التي تتفوق شهرتها على صاحبها، ما يدفعنا إلى محاولة تتبُّع وتحليل الأسباب خلف هذا النجاح.
جرّب محمد سعيد في بداياته أن يُبحر في مختلف التيارات الموسيقية الموجودة في المشهد الموسيقي العربي الحالي، ليبدأ على الإنتاج ويصنع موسيقى ترانس ويدخل عالم المهرجانات. خاض بعد ذلك جولة في الراب عندما كان يُعرف بـ إم-إس-بيتس، ثم انتقل منذ عام ٢٠١٨ إلى مسار مختلف، عندما بدأ بتقديم أغاني آر-آند-بي وإندي روك، ليمتلك مخزونًا موسيقيًا كبيرًا، وتحين الفرصة أخيرًا لإصدار الهيت الذي سيجعل نجوميته تتوهج. علمًا أن محمد سعيد يملك في رصيده بعض الهيتات من فترة سابقة، مثل جواكي ولو، لكن قالوا عليكي لها وضع خاص، فمعها دخل محمد سعيد نادي الأغاني التي تتجاوز مئة مليون استماع على يوتيوب.
صُنعت قالوا عليكي بجهود مشتركة مع مارك هاني، الذي وضع اللحن وشارك في كتابة الكلمات مع محمد سعيد، وقد قام الأخير بتوزيع الأغنية بنفسه. تبين لاحقًا أنها من نوع الأغاني الذي يسبّب الإدمان ويعلق في الرأس مباشرة، إذ ترسم بهدوئها ودفء مفرداتها أجواء شاعرية عبر مقاطعها القصيرة، قبل الانتقال بأسلوب جذّاب إلى اللازمة، فنرغب بتكرار الاستماع إليها مرة تلو الأخرى.
لكن أكثر ما يميز قالوا عليكي أنها قادرة على التأقلم مع مزاج المستمعين المختلف، إذ تظهر في كلماتها معانٍ مزدوجة وغموض في أسلوب رواية الحكاية، يجعلانها قادرة على عكس مشاعر مختلفة. فمن يشعر بالسعادة سيستمتع عند الاستماع للأغنية التي بنغماتها الشرقية تغدو أكثر حيوية وإثارة في اللازمة. أما أصحاب المزاج الكئيب، فسيقفون عند الكلمات أكثر، وسيلتقطون الحكاية الحزينة التي تروي تجربة عاطفية من منظورات متعددة، لتنقل ما قيل وما سيُقال. كما يختلف إيقاع الأغنية بشكل ساحر بحسب تبدّل ضمائر المتكلمين، لتعمّق الموسيقى الجانب الدرامي للكلمات.
أما وبعد التسليم بالنجاح الكبير للأغنية، وبعد الاتفاق أو الاختلاف على الأسباب والعوامل التي تقف خلف هذا النجاح، إلا أن التحدي الذي يبرز أمام محمد سعيد اليوم، والذي يواجه أي فنان شاب في مراحل نجاحه الأولى، يكمن في محاولات تكرار هذا النجاح، سواء فيما ينتقيه أو ما يشارك في صناعته بنفسه عبر أغنياته القادمة.