قرار مامي بإصدار ألبوم باللهجة المصرية لم يكن مجازفة كاملة، بل اعتمد على النجاح المدوي لتعاونه مع سميرة سعيد قبلها بأربعة أعوام في "يوم ورا يوم"، والذي أتى باللهجة المصرية. ففي العام 2006 خرج ألبوم "ليالي" للشاب مامي، والذي أنتجته له شركة EMI Music France، ليقدّم معظم أغانيه بالعامية المصرية. لم يقتصر سحر التجربة على الاقتراب من اللهجة المصرية المحبوبة لدى المستمع العربي ومغازلتها، بل في تعاوناته على صناعة الألبوم مع ملحني وموزعي بوب مصريين ولبنانيين، الأمر الذي يعتبر خارجًا عن المألوف لنجم خارج من مشهد الراي الجزائري ودول اغترابه الأوروبية. لحَّن هذا الألبوم كلٌّ من عمرو مصطفى ومحمد رحيم ومروان خوري وكور ومحمد رفاعي وكاظم الساهر ورشيد مير وليسلي، إلى جانب الشاب مامي نفسه. وشارك في توزيعه طارق مدكور وداني الحلوون وطوني بو خليل. ترافقت قائمة أغاني الألبوم مع السي دي الفيزيائي حينها بألبوم من بضعة صور للشاب مامي بين مقاهي القاهرة ليلاً، أو الأماكن التاريخية التراثية، أو الغلاف مع صورة لمامي بالتاكسي الأبيض والأسود.
حتى في غنائه للبوب المصري، تداخل غناء مامي مع اللهجة الجزائرية، حيث ينحرف عن النوتة الموسيقية المتعارف عنها بالغناء المصري، ليعطي لمحة شبيهة بأداء الأتوتيون بالراي الذي يأتي ممزوجًا بصدى الصوت. حمل ذلك تمبو جذّاب وغير معتاد في الصوت الموسيقي المصري، خاصة بأغنية "حليلي" بالمشاركة مع زاهو، أو "جاي بالسلامة" من كتابة خالد تاج الدين في مقطع "بتغيب وفين وفين/ سنين عايشين ومش عايشين ". أيضًا اختلاف نمط السرد اللغوي بين الراي الجزائري والبوب والشعبي المصري أعطى مساحة أكبر للسرد والأخذ والرد، بل وأيضًا لتضفير العديد من الألفاظ المستعملة من الثقافتين، ولعل أبرز مظاهر ذلك هو في أغنية "ليه إن شاء الله؟" من كتابة أيمن بهجت قمر، والتي اعتمدت على الأسلوب الحواري من جانب واحد. أما في "تيجي تيجي" من كتابة خالد تاج الدين، فيظهر هذا التضفير في ذكر لفظ الجلالة "الله" بالأسلوب المعتاد في أغاني التراث الجزائري والراي، ثم يتبع بعد ذلك بـ: "يرؤف بحالي" ، و" تصدق ما تعرفشي تخبي ويبان عليك".
مزيج الألبوم الذي ضمَّ الراي مع البوب والشعبي المصري، بوجود اللغة الفرنسية ليس بصفتها اللغوية فقط، بل بصفتها الصوتية، عكس روح القاهرة كمتروبول يستوعب كل الثقافات والأنماط الموسيقية. التقط هذا المزيج الروح الليلية الحرة لشوارع المدينة، عبر روح التخت الشرقي التي تتسرب رغم دخول الأنماط والآلات المستعملة في جُنرا البوب العالمية، فيما تضفي اللغة الفرنسية مسحة بسيطة غير مبالغ فيها من الاستشراق المُستَكشِف. يستفيد الملحن محمد رحيم من هذا التنوع الثقافي في إنترو أغنية "حلالي" من تداخلات الهمهمة والدندنة بين زاهو ومامي، مع الجيتار الإسباني. يميل النسق الذي بني عليه اللحن إلى الأصوات البشرية أكثر من الآلات الموسيقية، حيث الأداء الآلاتي هو مجرد توزيع للنسق الصوتي في تداعي حر.
تعكس "Non C'Sera Non" الإيقاع المتسارع للقاهرة، بطابع لاتيني تتقاطع معه وصلة على الأكورديون. كما يتمازج في توزيعات الأغنية أورج الأفراح الشعبية الجزائري مع الطبلة البلدية المصرية، حيث استطاع عمرو مصطفى خلق حالة موسيقية فريدة من الجروف مع البوب راي. أما في أغنية "تيجي تيجي" فتسود روح الأداء الحي مع البوق الفرنسي والترومبيت.
كذلك، ضمَّ الألبوم تعاونًا بين كاظم الساهر والشاب مامي بعنوان "أجلس في المقهى" من ديوان "بانتظار سيدتي" للشاعر نزار قبّاني، فحين تشارك كاظم الساهر الغناء، فسيتطلب ذلك أن تخضع لبعض قواعده، ومنها الغناء بالعربية الفصحى. تظهر الأغنية كامتداد لأغاني ومقطوعات ليالي الطرب الكلاسيكية التي تنبعث من المقاهي المصرية لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهم، خاصة وأنها من أشعار صاحب "قارئة الفنجان"، واعتمادها على ثيمة البخت، حيث يضع مامي وكاظم إضافتهم بتغيير "في باب الحظ افتش عن برج الحمل" ليجعلوها "في باب الحظ افتش عن برج الحب".
وفي حين أن القصيدة تمتلىء بالصور البصرية، كان غريبًا حينها ألا يتم تصوير فيديو كليب لهذا التعاون بين عملاقين موسيقيين من مشاهد مختلفة اجتمعا في شوارع القاهرة. تحافظ "اجلس بالمقهى" بإشراف خاص من القيصر على المقام الشرقي، خاصة مع بروزة العود كلاعب أساسي، مع الإيقاع السيمفوني المعروف لموسيقى الراي، مازجًا بين اللحن الراقص سريع الحركات، والنمط الكلاسيكي في الأداء الغنائي. وقبل أن ينتهي الألبوم نسمع أغنية "أمشي بطريق" كمقطوعة بروح مصرية واضحة في رثاء الوحدة، عبر مفردات تنتمي لثيمات تترات المسلسلات: "يسهر معايا ليلي الطويل / يضحك زماني ودنيتي".