تعتبر الشابة فضيلة الصوت النسوي الأول من موجة الراي الثانية بعد انتقال الراي من الشيخات والشيوخ إلى الشباب. بدأت الغناء في عمر الثامنة حيث كبرت في بيت فنّي، ورغم تعرضها للانتقاد بسبب الغناء بسن صغير عن مواضيع مرتبطة بالحب مع فرقة الموسيقي بوطيبة الصغير، إلا أنها كانت من أبرز الأصوات النسائية التي غنت في نوادي وهران، واستمرت بتطوير صوتها ومسيرتها الذي اقترن بتطور الراي خلال الثمانينيات والتسعينيات.
اشتهرت الشابة فضيلة بعلاقتها مع زوجها السابق الشاب الصحرواي، وقدّما سويّة إصدارات صقلت صوت الراي العاطفي. أطلقا في 1987 واحدة من أشهر ثنائيات الراي العاطفي في تلك الفترة "ما عندي زهر معاك"، وكانت أول أغنية راي تصور فيديو كليب بالأبيض والأسود، وهنا بدأ مشوارها مع الشهرة حيث كانت من أولى نجمات الراي التي تقوم بجولة فنيّة في أوروبا وأميركا.
ارتبط اسمها بمسيرة الراي المعاصر، والذي ظهرت معالمه بوضوح في ألبومها "كندير سيدي ربي" عند بداية التسعينيات. تقول فضيلة في واحدة من مقابلاتها، أنها كانت تحاول جاهدةً الاشتغال على كل ألبوم كما ينبغي، وأخذ الوقت الكافي في انتقاء كلمات الأغنيات، وفي التسجيل مع التركيز على عمليتي التوزيع والترويج، وقد تعاونت مع ديسكو مغرب على الانتاج والتوزيع في هذا الألبوم.
حملت الأغنية الرئيسية تأثيرات الكيبورد العاطفي الأثيري، بينما جاء صوت الشابة فضيلة خفيفًا على الأذن والقلب لتسرد كلمات عن معاناة الحبيب. تابعت هذه السردية في أغاني مثل "راني مريضة" و"ها قولي"، واتسمت هذه الإصدارات بمحاولات فضيلة المستمرة بالخروج بنمط غنائي جديد، إن كان على صعيد الأسلوب أو الأداء، حيث حاولت أن تخلق جوًّا مختلفًا في كل أغنية.
حملت أغنية "حبيبي غدني" إيقاعًا غير متوقع حمل الكثير من التجريب، عبر إضافة عيّنات إلكترونية سايكادالية، بينما واكبها صوت الكيبورد دون أن يكون الآلة الأساسية مثل العادة في باقي أغاني الراي، وهذا ما أعطاها هذه النفحة التجديدية بالموسيقى. حملت الكلمات أيضًا ثيمة المناجاة والتمرد على الحبيب، وقد جاء صوتها طبقة متلاصقة مع الموسيقى.
ختامًا، يعتبر ألبوم "كندير سيدي ربي" إحدى العلامات الفارقة في مسيرة الراي المعاصر، حيث استطاعت من خلاله تقديم مجموعة من الأغاني التي تحمل مزيجًا من العاطفة والتجديد الموسيقي، متجاوزةً التوقعات التقليدية للراي. كان تأثير هذا الألبوم واضحًا على الأجيال القادمة من الفنانين والفنانات، الذين استلهموا من جرأتها وإبداعها في تقديم أعمال تجمع بين الأصالة والتجريب.