لعبت إصدارات زهير البهاوي في السنوات الأخيرة دورًا هامًا في مشهد البوب المغربي المعاصر، كما عرفت مسيرته الاستمرارية والتطور خاصة عبر استلهامه من التأثيرات والإيقاعات الشعبية لتقديم صوتٍ جديد ومميّز. حققت أغانيه ملايين المشاهدات وسطر تعاونات مهمة آخرها مع هند الزيدي في "فولو"، وعاد مع بداية هذا العام ٢٠٢٤ في تراك روحي من كتابته وألحانه.
للوهلة الأولى التي نسمع فيها روحي، تستقر الأغنية في الذهن مباشرةً كدودة أذن ندمن تكرار سماعها، دون أن نعلم على وجه التحديد إن كان لحنها الأصلي مميّز وجذاب لهذه الدرجة، أم لاقترابه من أسلوب أغنية "Ego" واحدة من أشهر الإصدارات الإلكترونية لـ ويلي ويليامز.
يستدرجنا الموزع بلال أفريكانو نحو المزاج المغربي الراقص الذي يفرض نفسه سريعًا. يوظّف ملامح صوتية شعبية واحتفالية ويستدعي إيقاعات وأهازيج تقترب من أجواء الدبكة المشرقية لصناعة مزاجٍ هجين لكنه مألوف وحيوي. تتعالى صيحات تحميسية تغري بالانخراط في الرقص وتتصدرها الزغرودة المغربية. يتحرك أداء زهير بهاوي وسط زخمٍ من تأثيرات الإلكترو والآفرو، مطوّعًا صوته للانتقال بين وضعيات مختلفة من الغناء إلى ما يشبه فلوهات الراب.
يستجدي زهير بهاوي والدته لتخطب له امرأة يعدّد من صفاتها المغربية: "الزين تطواني القلب كازاوي/ والعيون من بوجدور / الشعر الفاسي المكناسي/ السالف المنظور/ كيفك آيما من الناظور" في أسلوب غزلي مميز يذكرنا بالأسلوب الشعري في القصائد العربية الكلاسيكية، وتحديدًا أبيات شاعر الجاهلية امرؤ القيس: "حجازّية العينين مكّية الحشى/ عراقيّة الأطراف روميّة الكفل". تستعر حمى التعليقات على الفيديو التي استدعتها ذكر جهات مغربية، ونرى مزايدات ظريفة من قبيل "معاكم الزين المراكشي" فيما تردّ أخرى "الزّين المكناسي". يُكسب ذلك كله الأغنية نقاطًا إضافية في الانتشار والشعبية.
يبدو جليًا أن هنالك تقاطع بين الصناعة الموسيقية السائدة في المغرب والرغبة بالترويج للثقافة المغاربية، عبر توجه معظم الفنانين والمخرجين لاستيعاب وتضمين عناصر من الثقافة المحلية دون المسّ بالسردية البصرية للفيديو كليب. نرى ذلك بشكل واضح في فيديو "روحي" حيث تبرز ثيمة الفروسية القبليّة في التوجه البصري للفيديو، ويطغى عليه استدعاء العناصر التقليدية للثقافة الشعبية المغربية.
يعزّز زهير بهاوي بإصداره "روحي" توهج الصوت المغربي ويضع نفسه مجددًا كاسمٍ يعرف جيدًا كيف يصنع هيتات ناجحة، باستدعاء حيل إنتاجية وتوزيعية وتوظيف عناصر بصرية ذكية، ما يجعل الأغنية مناسبة للأعراس والمناسبات السعيدة على وجه الخصوص. كما أن الشعبية الكبيرة التي حظيت بها الأغنية بمجرد صدورها تجعلها تحضر للأسبوع الثالث على التوالي على قوائم بيلبورد عربية بل وتتقدّم هذا الأسبوع إلى المرتبة 24 على قائمة هوت 100.