"سامع صوت أمي وأنا لوحدي وسط العتمة ديا" تبدو هذه الكلمات كافية لتأخذ المستمع في رحلة من المشاعر، مدتها ثلاث دقائق وثمانية عشر ثانية، على امتداد أغنية "عامل إيه"، التي أصدرها مروان موسى أمس، والتي تحمل في طياتها لسعةً من الوحدة، وفيضًا من الحنين.
فبعد انقطاع عن الإصدارات، ظهرت أغنية "عامل إيه" لتكون افتتاحية الألبوم الجديد، أو سلسلة الألبومات القصيرة التي تنحدر تحت مظلته، بثيمة "مراحل الحزن". يقول مروان: "أنا يمكن كنت في فترة صعبة شوية بالنسبة لي، وكنت عملت كزا أغنية بتناقش حتة اللي هي الحزن اللي كنت فيها، أو اللي دماغي كانت فين، فالأغنية دي حسيت إن هي أنسب أغنية إن أنا أرجع بيها."
عودة مروان تأتي مثقلة بالمشاعر التي حثته على الخوض موسيقيًا في مراحل الفترة الأصعب من حياته، بدءًا بالإنكار، مرورًا بالغضب، ثم المساومة، ثم الاكتئاب، وصولًا للتقبل، وهي المرحلة التي يصنف "عامل إيه" ضمنها. يقول: "أنا بحطها في آخر مرحلة، اللي هي مرحلة التقبل، بس لأسباب تخص الألبوم نزل إزاي، ما ينفعش أنزل لك 'عامل إيه' على طول في الألبوم، فعاملها إن هي إنترو لفكرة."
شغلت هذه الفكرة مروان فلسفيًا لسنوات، إلا أن رحيل والدته عن دنياه العام الماضي كانت سببًا لدخوله فيها وخوض تفاصيلها المؤلمة. يذكر مروان والدته، قائلًا: "مامتي خلتني أعيش صريح،" ليتابع: "مامتي خلتني مابقاش بمثل أو كده قوي، يعني دايماً الحاجة اللي أنا عايزها أقول، وعمري ما أظهر بشكل مش أنا أو أتكسف أو كده."
بعد فترة أليمة، خرج مروان من مراحل الحزن الخاصة به، ليعود للتفكير بها ويحللها من منطلق إبداعي، انعكست تفاصيله في الترجمة البصرية التي أخرجها عمر دونجا، وشاركت بالظهور فيها دنيا وائل. عن فكرة الفيديو كليب، يقول مروان: "حطيت حاجات كتير شخصية عن حياتي أنا الشخصية وكده، جت معايا كده ماكنتش مخطط لها يعني، بس حبيت أشارك الناس في اللحظة دي، وممكن لو حد مر باللي أنا مريت بيه، برضو الفكرة دي تبقى أقرب له."
فمروان ينظر إلى الألبوم كـ "جلسة ثيرابي"، وليس كسلسلة أغاني حزينة يعيش معها جمهوره مشاعر النكد دون مبرر. "لو الدنيا كسرت حاجة فيك، وإنت قدرت إنك ترجع منها، بترجع أقوى وشخص أعمق وحقيقي أكتر وكده، فده سبب ليه عملت الألبوم، وهو من ناحيتي جاي من فين".
يستمر مروان على مدار الأشهر القادمة بإطلاق الأغاني ضمن ألبومات قصيرة، يندرج كل منها تحت مرحلة من مراحل الحزن، ويحمل كل منها أغنيتين إلى ثلاث أغاني تقريبًا، تجمعها الحالة العاطفية ذاتها. لكن في النهاية، ستشكل جميعها معًا، الصورة الأكبر للمشروع، وهي ألبوم موحد، قد يتحول مستقبلًا إلى نسخة ديلوكس. يقول مروان: "يعني إحنا حننزل الأول نسخة فيها 11، على أربع، على خمس EPs، وبعدين احتمال يكون في بقى ندي الديلوكس فيرجين اللي هي فيها الأغاني اللي كانت أفكار للبروجكت، لأن أنا ساعات بيفوت سنتين على ألبوم عملته، وبقول ياه لو كان في أغنيتين تلاتة كمان من ريحة المدة، الفترة دي، فالمرة دي هاعمل ده، اللي هو في أغنيتين، تلاتة، أربعة كده معانا كانوا ممكن يخشوا في الألبوم، حنرجع نشتغل عليهم ونحطهم إن شاء الله في الديلوكس فيرجين."
هذا المشروع يعتبره مروان "برا الزمن"، إذ يكسر من خلاله قاعدة أن يطلق أغاني تناسب موسمًا معينًا، فالأغاني هذه المرة ليست صيفية، وربما ليست شتوية حتى، إنما هي تعكس حالة حزينة، يود مروان لها أن تصف موسمًا من حياته هو، حتى بعد مرور سنوات. لكنه مع ذلك، ولكي لا يصنف شخصيًا ضمن قائمة هواة الموسيقى الحزينة، فإن مروان عازم على التعاون فنياً مع آخرين، ضمن ما وصفه بـ: "أغاني صيفية أكتر شوية، بدل ما الدنيا عندي حزينة."
في النهاية، يعتبر مروان هذا المشروع تجربة شخصية، جلسة علاجية وخط تواصل مع جمهوره، قد يساعدهم عبره بالوصول إلى مرحلة التقبل، بشكل أفضل. يقول: "هو الموضوع عن إنك تخرج اللي جواك، فهي مش أنا جاي أقول لك الدنيا حلوة الدنيا وحشة الدنيا مش عارف إيه، أنا بس جاي أخرج اللي جوايا".