استخدمت المجتمعات البدويّة الموسيقى لحماية تراثها والحفاظ عليه، وربطتها بالعادات والتقاليد حتى أصبحت جزءًا مهمًا من هويتها الثقافية. حضرت في جميع المناسبات الاجتماعية، وتطورت أنواعها مع تقدم الوقت، لتحضر بأشكال مختلفة حسب كل بلد.
بدأ مشوار المجرودة من الأعراس في ليبيا، حيث اعتمدت على قالب الشعر البدوي وتكوّنت من ثلاثة أو أربعة أشطر على نفس القافية. دائمًا ما يستهل البيت الأول من القصيدة للترحيب بالضيوف والواصلين من ترحال طويل، ثم يدلف الشاعر لينتقل من الحديث عن ثيمات مثل الشهامة والكرم والضيافة، إلى التكلم عن المناسبة.
اتبعت المجرودة نمط موسيقي موحد يعتمد على إيقاع متوسط السرعة، يسمح بالتصفيق والرقص ويعطي للشاعر مساحته بغناء الأبيات الموزونة. حضرت الآلات التراثية مثل الدف والطبلة لضبط الإيقاع، كما استخدم الناي والمزمار في صياغة اللحن.
بدأت موجة التجديد بالمجرودة عند نهاية التسعينات، عندما قدم الفنان مصطفى البتير أولى هذه المحاولات مع فرقة أنغام الشلال، ناقلًا المجرودة إلى الشاشات كجزء من التراث الليبي، بعد أن أدخل عليها آلات جديدة مثل الأكورديون والعود. ساهم سعداوي القطعاني أيضًا مع باقي مغنيي المجرودة بنقلها إلى المجتمعات البدوية في مختلف المحافظات في مصر، وإلى فلسطين من سيناء.
ظهرت تيارات جديدة للتجريب بالمجرودة خلال السنوات الماضية، أبقت على اللحن والشكل التراثي، بتوزيع عصري. دمجت المغنية رنا محمود اللون البدوي باللون الشعبي المصري في ريت أصحاب، ليتآلف صوت الكيبورد مع صوت المزمار. تغطى صوتها بطبقة بسيطة من الأوتوتيون أتبعتها بأدليبس بعد كل بيت مع تأثيرات الصدى أو الريڤرب، ليظهر اعتماد التوزيع على برامج المونتاج الصوتي التي تستخدم في المهرجانات مثل فروتي لوبس.
بدأت المجاريد القادمة من منطقة سيناء بالانتشار على قنوات YouTube، حيث سطر فؤاد بنيه وخالد الطرشان التجربة الأولى في غزة، لتسجل وبعيني شفت المهرب ملايين المشاهدات. اعتمد التوزيع على صوت الأورج الشعبي القادم من الدحيّة، كما تغنى الاثنان بالمجرودة وأعلنوا دخولها إلى الأعراس والمناسبات بسبب بساطة لحنها وقوتها الشعرية.
تبدلت كلمات المجرودة الصعبة التي لا يفهمها إلا كبار القبائل، واندمجت مع العامية حسب منطقة المغني. حملت الثيمات الجديدة معاناة الشباب مثل صعوبة العيش والاختلاط التي يمرّ بها البدو عند الانتقال إلى المدن الكبرى. كما تغنت بسيارات اللاندكروزر والتويوتا التي تساعدهم على التنقل بين الصحراء والجبال، بالإضافة للحديث عن الصداقة والحب والغزل.