لا يمكن الاستماع إلى أغنية دراجانوف الأخيرة عذابي دون أن تذكرنا بأغنيات الراي الميلانكولية الكلاسيكية، خاصة لو استبدلنا اللمسات الإنتاجية العصرية للبيت بجمل كيبورد نوستالجية دافئة. تفيض الأغنية بملامح راي جليّة أعاد دراجانوف تدويرها واستخرج منها مقاطع جذابة تكتنز بالوجع: "واشحال صبرت وطال عذابي"، فيما يظهر الشاب حسني كصورة أيقونية يقارب حضورها العلامة الصوفية التي تبارك ثيمة الراي في الأغنية: "شاب حسني في الفينيل/ وأنا طال عذابي سنين".
تصدّرت الأغنية قوائم الاستماع على المنصات المختلفة مؤخرًا، وتلت تعاون دراجانوف الأخير من خارج المشهد المغاربي مع ويجز في الدينا إيه. استدعى دراجانوف سليمي فيوغو في إنتاجٍ مشترك لـِ عذابي، وحافظ على بصمته المميزة من خلال تلاعبه بالإيقاعات وتخليه عن الشكل الكلاسيكي المعتاد. وظّف الثنائي إيقاعات تقليلية عند نهاية البارات، تحولت إلى صدًى إيقاعي يصاحب انتهاء دراجانوف من الأداء مع مسحة ريفرب تضفي طابع الحنين والشكوى. تستمر الأغنية على وتيرة واحدة تقريبًا دون ذروة إيقاعية أو أدائية، وتتخللها جمل جيتار ثابتة منحت اللحن طابعه الميلانكولي الرخيم. يخيم صوت سنث في الخلفية ويظلّل خامة دراجانوف ليمنحه جرعة دفء مضاعفة في الشطر الثاني من اللازمة: "صدّيت قلبي صافي/ شعلت الضو اللي طافي". أسبغ دراجانوف أدائه الصوتي بتنغيم حزين تخللته ارتعاشات رافقت أدائه المتهدّج الذي توسّط مساحة ملتبسة بين الراب والغناء.
اعتمد دراجانوف على المخرج جمال حقو الذي استهل الفيديو بمقدمة تمثيلية ثم انتقل إلى تصوير دوراني يعكس حالة التخبط والتوهان التي تسيطر على مضمون الأغنية: "شكون اللي معايا وشكون سبابي"، قبل أن يختم بمشاهد حادة تقفل معها الأغنية باللازمة التي يخفت معها صوت دراجانوف تدريجيًا ويتوه وسط النفخيات الحزينة.
تعطي عذابي وصفة نموذجية لنجاح أعمال دراجانوف من خلال تكامل عناصر الإنتاج والإخراج، وتبصم مرة أخرى على انتقال دراجانوف من كونه أحد أهم المنتجين في المشهد المحلي إلى منافس جدي للرابرز والمغنين كذلك.