بعد ست سنين من التجارب الناجحة، وألبومين حققا انتشارًا واسعًا هما البابور اللي جابني وولا الحرمة، وقع الشاب بلال الذي بدأ مسيرته الفنية مع فرقة الأوهار في منتصف الثمانينيات بالغناء في الأفراح والمهرجانات، عقدًا مع شركة يونيفرسال لإنتاج ألبوم سيدي سيدي في عام ٢٠٠٢. لا تكمن أهمية الشاب بلال في كونه أحد أسماء موسيقى الراي البارزة فقط، بل في قدرته على خلق تركيبته الفريدة بين تجربة المهاجر إلى فرنسا في بداية التسعينيات، والفنان المهموم بمشاكل وقضايا مجتمعه اليومية، من الأعراف والعلاقات العاطفية وكرة القدم، وغيرها من المواضيع التي قدمها عبر ألبوماته التي تعدت الخمسين ألبوم.
يظهر ألبوم سيدي سيدي، كأكثر تجارب الشاب بلال نضجًا، سواء موسيقيًا، أو على مستوى الكلمات، فيدمج بين العديد من الجُنرات، من الراي والبوب المغاربي، إلى الفانك والأنغام الشعبية التراثية للداربوكا والعود، مع مسحة من الألحان الإفريقية، ناهيك عن توظيف الجاز والبلوز والروك في إيقاعات هادئة وصاخبة لنفس الأغاني، مثل هوما وكيف كيف وشاف شاف. كما وظف الكمنجة الشرقية مع الطبلة في أغنية راك مريض، لينقل انطباعه عبر الموسيقى عن حالة الترحال.
تظهر بلادي كأكثر الأغاني التي يوظف فيها صوته للتعبير عن حالة الحنين للوطن التي تنتابه، فينطلق بالتنغيم ليصل إلى الترجي، ثم يعبر عن الضيق بالخَنف البسيط، ذلك قبل أن يضخم من صوته مع تسارع إيقاع الكمنجة الشرقية. يحضر أيضًا السنث والسايكاديليك تشيل، إلى جانب الإنترو الأوركستالي في الأغاني العاطفية مثل بارازارد: "ياشوف وين وصلنا، واحد جاي يجري، هبلتوا باريس/ جال ليك تيما زهري، ما عارف شا صاري، مسكين… شوف شوف".
عبر كلمات يغلب عليها الطابع الرومانسي، يُسقط الشاب بلال علاقته بوطنه على علاقة لا أمل فيها مع حبيبته، ولا يستطيع حل عقدتها والوصول إلى بر الأمان، أو يناقش القضية بشكل مباشر وبلا تورية، فلا تغيب عن مواضيعه أزمات المهاجر الذي غادر بلده قهرًا.
يتضمن صوت الألبوم كذلك لمحات ذات طابع صوفي في تسليم الأمر للخالق، وأهازيج مستلهمة من الأفراح الشعبية، حيث يجمع في تجربته الموسيقية بين الجانب الشعبي الخاص بنشأته الموسيقية، والأنماط الغربية المختلفة التي تأثر بها أسلوبه بعد السفر إلى فرنسا. شارك في إنتاج وتوزيع الألبوم كل من زبير كريون وبيتي هوفمان وماثيو ماريتي وبول بورج.