صرحت لطيفة مؤخرًا بأنها ستتعاون مجددًا مع زياد الرحباني لتلحين أغنيتين من ألبومها القادم؛ لتعيدنا بالذاكرة إلى عام ٢٠٠٦، ونسترجع ذكريات ألبوم معلومات أكيدة، الذي جمعهما للمرة الأولى تحت مظلة روتانا، في واحد من أكثر الأحداث الموسيقية جرأة في تلك الفترة.
مثَّل كل من لطيفة وزياد خطان متوازيان لم يكن يفترض أن يلتقيا، إذ تشغل لطيفة مكانة خاصة في مشهد البوب العربي، كواحدة من الأسماء البارزة التي وجدت صيغة توافقية بين الأصالة الطربية وتيارات الأغنية الشبابية. بينما يعيش زياد في عالم موسيقي موازٍ هو رائده، يُشار إليه مجازًا بالجاز الشرقي،بغض النظر عن مدى دقة صياغة هذا المصطلح. أما في العام ٢٠٠٦ فلم يتقبل الجمهور بسهولة خلطة زياد ولطيفة مباشرةً، ليس بسبب اختلاف الهوية الموسيقية للاسمين، بقدر ما يتعلق بأسلوب كتابة زياد واختياره لكلماته. خصوصًا مع صدور أول فيديو كليب، والذي جعل التركيز ينصب في البداية على أكثر أغاني الألبوم جرأة بنص الجو. مع مرور الوقت، بدأ الجمهور يغير رأيه ويعيد تقييم التجربة ككل.
يعتبر معلومات أكيدة واحدًا من أغنى الألبومات التي لحنها زياد. فرغم أن الألبوم يحتوي على ثلاث أغانٍ لملحنين وشعراء آخرين؛ إلا أن زياد عرف كيف يضبط بوصلة الألبوم بما يتناسب مع توجهه الموسيقي. منح زياد الألبوم صبغة مفاهيمية من خلال ضبط حدوده بأغنية واحدة قسمها إلى جزئين، ليكون القسم الأول منها أغنية معلومات مش أكيدة في افتتاحية لألبوم والتي تعوم في بحر البيانو بلحن غربي كلاسيكي. أما الجزء الثاني فاختتمه بأغنية معلومات أكيدة التي تتحرر من صوت البيانو كآلة رئيسية. يأتي ذلك بالإضافة لتقديمه عدة ألحان من النمط الشرقي للألبوم، مثل أمنلي بيت ونفّد عبكرة، والمساحة الموسيقية التي فردها لنفسه بمعزوفة عطل وضرر، وصوته الذي يحضر في أغنيتي أمنلي بيت وبنص الجو.
لم نكن لنشهد هذه التجربة الموسيقية الفريدة لولا تمكن صوت لطيفة ومرونتها بالأداء والتفاعل مع الموسيقى؛ لتحتل فورًا مكانتها الخاصة والوسطى في تجربة زياد، ما بين الألبومات التي تعاون فيها مع فيروز، وتعاوناته الأخرى الأكثر مرحًا وتجريبًا مع سلمى مصفي وغيرها. لعل أكثر ما يثير الاهتمام بأداء لطيفة، أنها لم تستخف بالكلمات الهزلية التي يكتبها زياد أحيانًا، ولم تجاريها بأداء جروتيسك، بل تجاوزت الحواجز مع المفردات الكوميدية لتلتقط الأحاسيس والحالات الدرامية الكامنة خلفها، وتؤدي الكلمات البسيطة أداءًا طربيًا، نتعاطف معه إلى حد التماهي مع الحالة، قبل أن تعود إحدى تعابير زياد المضحكة لتكسر هذه الجدية الدرامية.