بالتزامن مع اقتراب موعد اليوم الوطني السعودي، نلاحظ العديد من الأصوات الجديدة الشابة التي ستؤدي دورها ضمن احتفالات هذا العيد، بحيث باتت المملكة نبعًا لولادة المواهب الغنائية في الآونة الأخيرة. تميزت من بين هذه الأصوات هدى الفهد، التي بدأت رحلتها الفنية الاحترافية في احتفالات اليوم الوطني السعودي قبل سنتين.
في بداية العام ٢٠٢١، سجّلت هدى الفهد كَفَر ماش-أب مزجت فيه أغنية كيفك إنت لفيروز مع أغنية لأديل، لُتعلن عن ولادة موهبة سعودية جديدة تُجيد أداء ألوان غنائية مختلفة. قدمت خلال هذه السنة كوفرات أخرى لأغانٍ خليجية، منها أغنية كله منك لعبد المجيد عبد الله وتفنن لراشد الماجد. لفتت هدى الفهد الأنظار إليها عبر اختيارات هذه الأغاني، لتوقّع معها روتانا عقدًا لمدة خمسة أعوام. جاءت أغنيتها الأصلية الأولى هي بس، من كلمات خالد المريخي وألحان مشعل العروج وتوزيع تميم المشاري، والتي غنتها هدى الفهد للسعودية بمناسبة اليوم الوطني السعودي قبل سنتين بالضبط. أدت هدى أغنيتها ضمن حفل دعمها فيه الفنان الكبير عبادي الجوهر، وشاركها بديو عيونك آخر آمالي، وكأنه يكرس موهبتها على الملأ.
بينت خيارات هدى الفهد الفنية وعملها المتواصل أنها فنانة صاحبة مشروع سيزداد تألقه مع تراكم الزمن؛ فأول ما توجهت إليه في بداية نجاحها هو دراسة الموسيقى في مصر لتؤكد إصرارها على مواصلة الرحلة بأفضل شكل ممكن، وأنها ستجتهد حتى لا تكون ظاهرة موسيقية قابلة للزوال. في نهاية عام ٢٠٢١ أصدرت هدى الفهد أغنية إلى الساكن وأتبعتها بأغنية من البداية، التي اختارت أن تغنيها باللهجة العراقية؛ لتُثبت سريعًا قدرتها على الغناء بلهجات متعددة، خاصةً بعدما غنت الحيلة باللهجة المصرية هذه السنة.
تبدو أغاني هدى الفهد انعكاسًا للانفتاح الثقافي الذي تتمتع به شخصيتها الفنية، ليس لأنها تُغني بلغات ولهجات مختلفة وحسب، بل لأنها تميل لاختيار توزيعات موسيقية فريدة ومجددة في الأغنية الخليجية؛ إذ غالبًا ما تحرص على العثور على بنية موسيقية جديدة تقدمها الجمهور. لجأت مثلًا إلى نغمات المفاتيح المألوفة بألعاب الفيديو في الثمانينيات، وصهرتها في بوتقة اللحن الخليجي الكلاسيكي بأغنية أدري، التي تتضمن أبيات شعرية باللغة الفصحى، ولكنها تبدو مُعاصرة ومجددة. كذلك قدمت في أغنية إلا قلبي توزيعًا موسيقيًا متطورًا بالمقارنة مع كل التجارب الخليجية المعاصرة له، فهو يقدم الخليجية بتوزيع إلكترو بوب، رغم أن اللحن المألوف مأخوذ من الموشح الأندلسي جادك الغيث. لكن اللحن يُصبح أكثر إثارة مع هدى الفهد بفضل التوزيع الموسيقي الخارج عن المألوف.