تمكن ناصيف زيتون خلال رحلته الفنية الممتدة إلى عشرة أعوام، من إيجاد مكانة خاصة له على خارطة الأغنية الشامية باختياره لصوت بوب شعبي خاص به يُرضي محبي الشعبي والمترفّعين عنه أيضًا. ناصيف الذي أصدر مؤخرًا ألبومه الرابع بالأحلام، أظهر للجميع انفتاحه على تقديم ألوان موسيقية مختلفة يستحضرها من ثقافات متعددة، فتحمل كل أغنية في الألبوم الأخير أسلوبها الخاص.
في الأغنية الافتتاحية، حبيبي وبس، يخوض ناصيف تجربة الروك لأول مرة، وفي أغنية تعى نرجع يقدم أغنية من تركية الهوى. أما أغنية لي حبيب، فتقدم لونًا شرقيًا أكثر أصالة مع أبيات باللغة العربية الفصحى. يُمزج كذلك بين أساليب وألوان موسيقية مختلفة، ولا سيما في أغنية حب جنون، التي تتميز بالتركيبة الموسيقية التي تجعلها في مكانة وسطية بين الأغاني المينستريم الشامية والأغاني الخليجية.
تتكسر كل هذه التنويعات اللحنية عند بصمة #ناصيف_زيتون الصوتية الطاغية، ويزول جزءًا كبيرًا من الفوارق بينها بسبب أسلوب التوزيع الموسيقي، الذي ينخفض فيه صوت الموسيقى ليعلو صوت ناصيف ويبرز أمامها. لكن، ما بين درجة التمكن والخبرة في الأداء التي وصلها ناصيف اليوم، وما بين التوزيع المتقن الذي يسمح له بتحقيق رؤيته بالتنويع في البوب، لا يمكننا إغفال ركاكة الكلمات في بعض الأغاني، التي قد تفسد متعة التلقي في بعض اللحظات. لعل أغنية كراميلا هي أكبر مثال على ذلك، فكلماتها المفككة المعاني تضع حاجزًا يعيق الاستمتاع بالإيقاع السريع والخفيف.
بالمقابل، تظهر أغنية بالأحلام كأفضل تجارب الألبوم وأكثرها اختلافًا. تميزت الأغنية التي سبقت صدور الألبوم الرسمي بأشهر بهدوء رومنسيتها. بالنظر إلى الأغنيات العاطفية في مسيرة ناصيف كاملةً، قد تكون بالأحلام الأغنية الاكثر اكتمالًا من بينها كلها، وقد وضع كلماتها وألحانها نبيل خوري الذي يتألق دومًا في صياغته للأغنيات الرومنسية. فرغم أن الثيمات العاطفية كانت طاغية على إنتاجات ناصيف منذ بدايته، لكنه كان يغطيها دائمًا بقشور الإيقاعات الشعبية السريعة ونبرة الأداء الرجولية الصارخة، فلم يترك ناصيف رومانسيته تتعرى على هذا النحو قبل صدور بالأحلام. تنقطع هذه الرومنسية تمامًا في الأغنية التالية، كوني عَ ثقة، التي يعود فيها ناصيف لما يشبه تجاربه في الألبومات السابقة، والتي كان لها الفضل في تفجُّر شعبيته وانتشاره عربيًا.
ما بين صدور الألبوم الجديد، وما بين العودة الدائمة إلى ألبوماته الأولى، يمكن معاينة التطور الذي حققه ناصيف بشكل واضح على مستوى الأداء والتوزيع، وإن كنا نشتاق لأسلوب الكتابة في أغنياته مثل ما ودعتك ويا عسل وفارقوني.






