منذ بداياته في الثمانينيات وحتى اليوم، ظل عبد المجيد عبدالله واحدًا من أكثر الأصوات الخليجية حضورًا وتأثيرًا، بصوته العذب، وخياراته الموسيقية الدقيقة، وشراكاته التي صنعت بعضًا من أجمل أغاني الحب والفقد والتسليم.

بمناسبة عيد ميلاده، اختار فريق تحرير بيلبورد عربية مجموعة من أغانيهم المفضلة من أرشيف أمير الطرب، والتي شكّلت محطات خاصة في مسيرته الطويلة، ورافقتنا في لحظات لا تُنسى.

أحبك ليه

في ذاكرتي صور بعيدة من طفولتي، وأنا متسمرة أمام شاشة التلفزيون، أستمع لأغنية "أحبك ليه" بانسجام. صوت الكورال النسائي وهو يكرر اللازمة، كان يشعرني بتأثر شديد لم أعرف له سببًا. ثم كبرت وتعرفت على الأثر الكبير للعملاق الراحل أبو بكر سالم، المغني والملحن اليمني السعودي، الذي وضع لحن هذه الأغنية لعبد المجيد، وفهمت على نحو أفضل النقلات اللحنية التي صنعها، والتي يغلّفها صوت عبد المجيد بإحساس واحد.

صدرت هذه الأغنية ضمن ألبوم "رهيب" في منتصف التسعينيات، وقد كان من أبرز المحطات المفصلية التي نقلت عبد المجيد عبدالله إلى الجماهيرية العربية، خاصة مع الأغنية الرئيسية التي حمل الألبوم اسمها، وكانت كذلك من الأغاني الخليجية الأحب إلى قلبي في المطلق.

روحي تحبك

قدمت ثنائية الشاعر محمد القرني والملحن صالح الشهري -إلى جانب الموزع أمير عبد المجيد- العديد من الهيتات لعبد المجيد عبدالله في التسعينيات. أغاني تفيض بالرقة والرومانسية التي ناسبت عبد المجيد وارتبطت بصوته ارتباطًا وثيقًا، تقودها أوتار العود بشكل أساسي.

حكاية كلاسيكية عن عاشق يعيش الأذى في الحب، يعيه ويدركه، ولا يجد مع ذلك سبيلًا للانسحاب، فيجد نفسه يستجدي ويضرب الصور والتعابير، في محاولة للإقناع أو لربما للتسليم: "يا قوتك ترضى أجاريك لعبك/ ترضى أهد الحب لو كنت تبكي/ إن كنت تهواني فأنا اليوم جنبك/ سلمت لك أمري وحبك سكني". أغنية من روائع الأغنية الخليجية في كل الأزمنة بلا منازع.

يا طيب القلب

كانت أغنية "يا طيب القلب" بمثابة بوابتي الأولى إلى عالم عبد المجيد عبد الله. وقت صدورها في أواخر التسعينيات حققت الأغنية نجاحا فاق التوقعات ولم يكن ذلك مفاجئا بالنظر إلى تمازج عناصرها الساحرة: كلمات عذبة تنساب بسلاسة وصوت عبد المجيد الذي لا يغني فحسب، بل يهمس وهو يناجي الحبيبة بشوق لا يُقاوم وكأن كل جملة هي محاولة ناعمة لاستدرار الحنين.

يُغلف الأداء إيقاع خليجي دافئ تملؤه الوتريات في الفواصل وعلى رأسها آلة العود، التي تحضر بخفة ورشاقة فتمنح الأغنية لمسة كلاسيكية مدهشة دون أن تفقدها بساطتها. كانت وما تزال "يا طيب القلب" واحدة من تلك الأغنيات التي تجسد المعادلة النادرة: البساطة والعذوبة والخلود في آن واحد.

عبد المجيد عبدالله - لك ساقني الرب

من أكثر الأغنيات التي أسرتني العام الماضي منذ اللحظة الأولى لسماعها كانت "لك ساقني الرب" ، ثمة شيء استثنائي في هذه الأغنية يجعلها تعلق في الذاكرة والقلب معا وكأنها كُتبت خصيصا لتُقال بهذه الطريقة وتُغنى بصوت أميرالطرب.

عبد المجيد عبد الله بصوته العذب يقدم هنا تحفة رومانسية تتجاوز كونها مجرد أغنية. بكلمات الشاعر الصامل وألحان أحمد الهرمي تتجسد تجربة فنية متكاملة لا تشبه سواها. كل جملة تنطق برقة وكل نغمة تفيض دفئا حتى تبدو قصة الحب وكأنها قدرية مرسومة بترتيب إلهي لا خلل فيه ولا يملها المستمع لأنها ببساطة محكمة البناء صادقة الإحساس ومُغناه من فنان لا يزال يثبت في كل مرة أن لا أحد يشبهه. *

عبدالمجيد عبدالله - يابن الأوادم

في اعتقادي كان ألبوم عالم موازي 2021 من أقوى ألبومات عبد المجيد في العقد الماضي خصوصًا مع توظيف آلات إلكترونية في أغاني مثل "يا ابن الأوادم" تعطي طابعًا من التجديد، هو ما لاقى نجاح كبير مع محبي عبدالمجيد عبدالله وسرعان ما جعل "يا ابن الأوادم" من الأغاني الثابتة في حفلاته التي يطالبها به جمهوره.

https://youtu.be/PONkk_pwrGA?si=nGR5_-4FMSMlW2oZ

متغير علي

صدرت أغنية "متغير علي" سنة 2000 ضمن ألبوم "إنت العزيز"، وهي من كلمات عبد الله الأسمري وألحان صالح الشمري وتوزيع طارق عاكف. أكثر ما يميز الأغنية هو النبرة العاطفية التي يُضفيها اللحن الرقيق على الحوار، الذي يبدو كمحاولة أخيرة يائسة في علاقة حب شارفت على نهايتها. ينقل عبد المجيد كل الأفكار السوداء والشكوك التي قد تسيطر على المخيلة في هذه الحالة، بصوت رقيق يرجو التهدئة، ويعطي بريقًا من الأمل رغم سوداوية الموقف.

خير انشالله

في أغنية "خير إن شاء الله"، يهمس عبد المجيد عبد الله، بما يشبه التنهيدة الطويلة، رسالة اطمئنان، تختلط فيها مشاعر القلق والحيرة والحب والعتب. تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية ناعمة تعتمد على البيانو، تمنح المستمع لحظة تأمل صافية وتؤسس لحالة وجدانية رقيقة تخترق المشاعر منذ الثواني الأولى. ذلك يهيّئ الأرضية لصوت عبد المجيد عبد الله الذي بدا في هذا العمل في ذروة نضجه وشفافيته. صوته يأتي دافئًا وصادقًا، محمّلًا بإحساس يصبغ الكلمات صبغة شعرية، رغم أنها صيغت كأسئلة بسيطة.

صدرت في ألبوم "روحي تحبك" سنة 1996، من كلمات أسير الشوق وألحان صالح الشهري وتوزيع أمير عبد المجيد.

#عيد ميلاد عبدالمجيد عبدالله