في 11 أغسطس عام 2000، و دون أي مقدمات صحية، توّفي طلال مداح وهو يغني على المسرح بمدينة أبها.
كان فنان العرب محمد عبده مع عائلته ينتظر جثمانه في جدة، لكن من رافقه على الطائرة كان الفنان عبادي الجوهر، الذي احتفظ بعوده الشخصي معه.
هذه لم تكن نهاية القصة، لكن بدايتها كانت في 5 أغسطس 1940، يوم وُلد طلال مداح. ومنذ بدايته، لم يتوقف عن تحقيق الإنجازات، من أول أغنية عاطفية سعودية، إلى أول حفل موسيقي في المملكة، ثم صوته الذي وصل إلى كل أرجاء العالم العربي وكبرى المدن العالمية.
تعاون طلال مع كبار الشعراء والملحنين في الخليج، وكانت شراكته مع صاحب السمو الملكي الأمير الراحل بدر بن عبد المحسن واحدة من المحطات التي لا تُنسى، حيث قدما معًا أكثر من 60 أغنية، من أبرزها "زمان الصمت".
غنّى طلال في كل أنحاء الوطن العربي، من الخليج إلى المغرب، وتعاون في مصر مع كبار الموسيقيين مثل محمد الموجي، وبليغ حمدي، والموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي أطلق عليه لقب "زرياب" تقديرًا لعبقريته الموسيقية، ولحن له أغنية "ماذا أقول".
وفي مصر أيضًا، وأمام أكثر من 40 ألف متفرج في نادي الترسانة، غنّى طلال لأول مرة أغنيته الشهيرة "مقادير".
بعيدًا عن إنتاجه الشخصي الغزير الذي تجاوز 80 ألبومًا، كان لطلال دور كبير في تمهيد الطريق لما يُعرف بالمثلث الذهبي السعودي: طلال مداح، محمد عبده، وعبادي الجوهر.
كما ساعد طلال عددًا من الأصوات الجديدة، أبرزهم الفنانة عتاب التي علّمها الغناء والعزف منذ أن كانت في سن الثالثة عشرة. وعمل مع أسماء كبيرة مثل وردة، فايزة أحمد، سميرة سعيد، ذكرى وغيرهم.
ورأينا مدى تأثيره بعد رحيله في عام 2023، حين نظمت الهيئة العامة للترفيه بقيادة معالي المستشار تركي آل الشيخ حفلاً كبيرًا بعنوان "ليلة صوت الأرض" تكريمًا لمسيرته.
ومن أبرز لحظات تلك الليلة، كانت صعود الفنان عبادي الجوهر إلى المسرح حاملاً عود طلال مداح، الذي لم يُستخدم لأكثر من 20 عامًا، ليعزف به أغنية "ماذا أقول"، التي لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب لطلال.