عبر السنوات الخمس الماضية، حسم وائل كفوري قراره: سيغني فقط عن الحب والإيجابية. لا علاقة له بالتريند أو متطلبات السوق أو توقعات الجمهور. سيقدم فقط ما يناسب مزاجه. هكذا، سمعنا عبر السنوات الماضية عدة أغاني منفردة من هذا النوع مثل "حالف عالحب" و"حلو الحب" و"الوقت هدية" و"البنت القوية" وغيرها. واليوم يستكمل بنفس النهج مع أغنيته الجديدة "رح غير فيكي العالم".
الرومانسية بين السينجل والألبوم
ربما جاءت هذه الأغاني لأن وائل ببساطة.. مغروم بالفعل. اكتشفنا مؤخرًا فقط أن وائل كفوري قد "دق قلبه" من جديد، وتزوج من جديد، وسيصبح أبًا للمرة الثالثة في حياته. كما ترافقت هذه الأخبار مع إعلانه عن ألبوم جديد هذا الصيف، يعود فيه بعد غياب ثماني سنوات عن ساحة الألبومات، منذ صدور ألبومه "W" عام 2017. فهل سيتمكن من الحفاظ على الثيمة العاطفية الرومانسية التي التزم بها عبر إصداراته المنفردة، في ألبوم طويل؟
من اللافت كذلك عند النظر إلى الأغنية الجديدة وما سبقها، أن وائل لا يكرر غالبًا التعاون مع صناع الأغاني نفسهم. في الأغنية الجديدة مثلًا نجد كاتب كلمات وملحن وموزع موسيقي مختلفين عن فريق عمل الأغاني السابقة. ينعكس ذلك في الشعور العام للأغنية، التي تبدو أكثر أوركسترالية من سابقاتها، وفيها لمسات توزيعية في الفواصل الموسيقية تجمع الشرقي والغربي بإتقان، من توقيع روني برّاك.
حكم أولي
حتى وإن أصبحت الرومانسية المفرطة مألوفة في أرشيف وائل كفوري، فإن "بدي غير فيكي العالم" تنتقل بنا لمرحلة جديدة، تذكرنا بكلاسيكيات مثل "أتحدى العالم" لصابر الرباعي و"قولي أحبك" لكاظم الساهر، حيث تشعرنا الكلمات أن الحب يدفع بالرجل لتحريك الجبال. وإن كانت صياغة الكلمات في هذه الأغنية الجديدة أبسط نسبيًا من الأمثلة السابقة، إلا أن اللحن وطريقة توزيعه تعزز أكثر الشعور الملحمي فيما يغني وائل: "بدي غيّر فيكي العالم علمهن كيف بيحبو/ والل كتبو تاريخ الحب نسيهن كل شي كتبو"
كثيرًا ما أشعر أن وائل كفوري يقدّم أغاني يتأثر بها جمهور النساء على وجه الخصوص. أغاني تعكس أحلامهن عن الحب، بكلمات يتمنين لو تهدى لهن. لذا من الصعب على وائل أن يخفق، حتى حين تصبح إصداراته قليلة ومتباعدة، فهو يحافظ على حضور ثابت في القلوب وعلى قوائم الاستماع. بل وربما يمكننا القول إنه من أبرز نجوم التسعينيات، الذين وصلوا للعقد الثاني من الألفية الجديدة دون أن يشعرنا أنه يتراجع إثر المنافسة مع الأجيال الجديدة وتغيرات السوق، بل يحافظ على حضور هادئ ورايق، ويجد طريقه إلى القلوب، على طريقته الخاصة.