بعد سنوات من التأجيل بسبب الجائحة وظروف الحياة، أصدرت كارول سماحة أغنية جديدة من كلمات وألحان زياد الرحباني، تكريمًا لإرثه الفني بعد وفاته في يوليو / تموز 2025 عن عمر 69 عامًا. الأغنية هي جزء من مشروع تعاون بدأ بين الفنانين في 2018، حين أعلن زياد أن هذا العمل لا يصلح إلا لصوت كارول سماحة، لتتواصل الأخيرة معه مباشرة، وتبدأ رحلة تحضير الأغنية، قبل أن يتوقف المشروع بسبب الجائحة ومرض زياد.
كارول والرحابنة
لم يسبق لكارول سماحة أن تعاونت بشكل مباشر مع زياد الرحباني، على الرغم من تعاونها مع منصور الرحباني في مسرحيات غنائية. غير أنها استعادت في السنوات الأخيرة أغنية "بآخر الشارع" من ألحانه وكلمات جوزيف ناصيف، وهي الأغنية التي كانت قد أدّتها في الأصل هدى حداد.
كما عبّر زياد الرحباني في واحدة من مقابلاته عن إعجابه بصوت كارول، واعتبره من الأصوات المسرحية اللافتة في جيلها، نظرًا لقدرتها على المزج بين الأداء الغنائي والتعبير الدرامي. كما أشار في حديث سابق إلى أن أغنية "بصباح الألف الثالث" كانت مخصصة في البداية لفيروز، إلا أن منصور الرحباني قرّر منحها لكارول بعدما لمس في أدائها طاقة درامية تليق بروح العمل المسرحي.
كلمات تحمل ثيمة الفقدان والحنين
تحمل الأغنية الطابع العاطفي العميق الذي يميّز أعمال زياد الرحباني، إذ يمزج فيها بين الشعرية اللبنانية الأصيلة والموسيقى المعاصرة. تتناول الكلمات ثيمات الوحدة والفقدان والحنين، وتتأمل في قيم العهد والوفاء، كما يظهر في مقطع: "ما بتنترك وحدك يوم بتروح، وين العطف وين العشق والروح". وتستمر الأغنية في استكشاف مفاهيم الثقة والوعد والجرح المفتوح، في انعكاس واضح لأسلوب زياد الرحباني في المزج بين النص الموسيقي والشعري، وقدرته على نقل المشاعر بصدق وعمق.
حكم أولي
تجسّد أغنية “ما بتنترك وحدك” لقاءً نادراً بين صوت كارول سماحة وحسّ زياد الرحباني الموسيقي. يجمع زياد في هذا العمل بين الشجن والتأمل، ويترك لحنه ينساب بأسلوب يقترب من الجاز ويقف على تخوم البوسا نوفا، ليخلق فضاء عاطفي دافئ ومتماسك. تنقل كارول المعنى بصوتها الواثق والمتدرّج بين الرقة والقوة، وتحوّل الكلمات إلى مشهد شعوري ينبض بالحنين والنوستالجيا.
يعيد التوزيع الموسيقي تشكيل النص عبر تناغم دقيق بين الآلات والإيقاع، ليجعل من كل جملة لحنية امتداداً للعاطفة. تستعيد كارول في أدائها شيئاً من روح التعاونات الرحبانية القديمة، وتمنحها رؤية معاصرة تعبّر عن المشهد الموسيقي اللبناني اليوم. تبرز الأغنية كرسالة شوق يوقّعها زياد ويتركها بصوت كارول، لتجمع بين عمق التجريب عند الرحباني وصدق الأداء عند سماحة، وتعيد إلى القلوب الحنين المتواصل "للعبقري الراحل" كما سمته كارول.