مع كل إصدار جديد، يواصل ناصيف زيتون توسيع دائرة تجاربه الفنية، متنقّلًا بين الأصوات والتعاونات في محاولة لمواكبة تحولات الذائقة الموسيقية ولغة الجيل الجديد. أحدث هذه المحطات كانت أغنية "كزدورة"، التي جمعته بالفنان السوري الصاعد أبو ورد في تعاون يعتمد على إيقاعات مستلهمة من الموسيقى الشعبية السورية، ، ما جعلها سريعة الانتشار منذ لحظاتها الأولى.
لكن كما هو الحال مع كثير من الأغاني التي تُراهن على البساطة وسهولة التداول، انقسمت الآراء حول "كزدورة": هل هي خطوة ذكية تُحسب لناصيف في دعمه للأصوات الجديدة؟ أم أنها محاولة محسوبة لصناعة تريند على حساب العمق والهوية الفنية؟ نستعرض فيما يلي وجهتي نظر مختلفتين ضمن فريق بيلبورد عربية حول أحدث إصدارات ناصيف.
نورهان أبو زيد / مع
بعد أربعة إصدارات منفردة متتالية عاد ناصيف زيتون ليستكمل سلسلة التعاونات التي بدأها منذ العام الماضي ولاقت استحسانًا واضحًا من الجمهور، وهذه المرة عبر شراكة مع الفنان الصاعد أبو ورد الذي لفت الأنظار مؤخرًا بأغنيته "نركب هالسيارة"، التي نجحت بالوصول إلى قائمة بيلبورد عربية هوت 100.
أتت أغنية "كزدورة" من كلمات وألحان أبو ورد وتوزيع فؤاد جنيد وإنتاج شركة T Start المملوكة لناصيف زيتون، في تعاون يمكن وصفه بالسوري الخالص، يعتمد على إيقاعات مستلهمة من الموسيقى الشعبية السورية وهي المساحة التي بات فؤاد جنيد يمتلك فيها بصمته الخاصة مع عدد كبير من الفنانين.
صوت ناصيف زيتون لا يختلف عليه اثنان، فهو صوت قادر على احتواء أي لون موسيقي بعذوبته وحضوره الطاغي إلى درجة تجعل المستمع ينساق تلقائيًا مع هذا الأداء السلس. اللافت هنا ليس فقط حضوره الصوتي بل اختياره الواعي لدعم فنان صاعد والدخول إلى عالمه الموسيقي دون فرض نجوميته بل بسلاسة تحترم هوية أبو ورد وهو ما يتجلى في اعتماده الكامل على كلماته وألحانه. هذا النوع من التجديد يبدو ضروريًا لفنان في موقع ناصيف يسعى لمواكبة موسيقى الجيل الجديد ولغته ومصطلحاته.
في المجمل تأتي "كزدورة" أغنية لطيفة على مستوى التوزيع والأداء وحتى الكلمات التي تحمل قدرًا من الدلع والحب وتنسجم مع موضوعها، حيث يتعامل البطل مع حبيبته كطفلة تحتاج إلى اهتمام ورعاية، ورغم التحفظ على جوهر هذه الفكرة إلا أن الأغنية خرجت بأداء عفوي من ناصيف وأبو ورد، جعلها أقرب إلى حالة خفيفة الظل منها إلى طرح ثقيل أو مفتعل، وهو ما يفسر تقبلها السريع لدى شريحة واسعة من المستمعين.
هلا مصطفى / ضد
رغم أن صوت ناصيف بالفعل آسر ومتمكن ويجذب الأذن في مختلف الألوان والأنواع، ورغم أنني وجدت خياراته موفقة في آخر أغنيتين منفردتين "يا دنيا" و"بكيتني يا ليل"، لكني لم أشعر بنفس الطريقة حول "كزدورة".
حين تُصنع الأغنية لتكون مقاطعها منفصلة شعورًا وإحساسًا عن اللازمة، دون انسيابية واتقان في الانتقالات، نتأكد أن صنّاعها عملوا فقط على صناعة جمل تصبح ترند على تيك توك ومنصات التواصل الاجتماعي، بحيث تنتشر عبر فيديوهات المستخدمين، وأن هذا الهدف شغلهم عن صناعة أغنية حقيقة. و"كزدورة" بدت خير مثال عن هذا النوع من الأغاني.
فكما مثلًا ذهب سانت ليفانت هذا العام إلى مغني المهرجانات فارس سكر بعد تقديمه هيت "الحب الحب سنيوريتا" ليقدم معه دويتو "سنيورة"، كذلك توجه ناصيف إلى المغني السوري الشاب أبو ورد، الذي قدم هذا العام أول أغنية جدية في مسيرته بعنوان "نركب هالسيارة"، ليقدم معه دويتو "كزدورة". لكن النتيجة النهائية لم تخرج قريبةً لا من هوية ناصيف الفنية ولا حتى الأسلوب الذي يقدمه فنانو جيل زد مثل أبو ورد. بل بدت اللازمة التي صنعاها للأغنية رغبة بأن تتحول إلى تريند، أبسط من اللازم بكثير، وكأنها أغنية للأطفال، خصوصًا في العبارات التي انشترت فيها مفردات التصغير والدلع: "واخد غمرة صغيورة/ ونسافر سفرة سفورة/ شبر ونص مضيعة الدنيي/ طالع منها السنفورة".
توجه ناصيف للتعاونات منذ بداية العام الماضي حمل روح مبادرة ورغبة بالتشبيك والتجديد، ومنحنا هيتات مثل "مافي ليل" مع رحمة رياض و"ياسيدي إنسى" مع مرتضى فتيتي. لكن مع الوصول للتعاون الخامس، بدأ الموضوع يدلل على شيء من التخبط في رؤيته الفنية، ورغبة بالتعاون لأجل زيادة الارقام فقط.
لكن ذلك لا يتعارض مع إمكانية أن تجد الأغنية جمهورًا لها، سواء من جمهور ناصيف الوفي، أو من جمهور جديد من جيل أصغر قد تعجبه اللازمة البسيطة، أو تجد طريقها إلى أذنه.
*مع أم ضد زاوية خاصة، يختار فيها نقاد من فريق بيلبورد عربية إصدارًا انقسمت آراؤهم حوله، بين من أحبه ومن لم يقتنع به، ليحلله كل منهم حسب رأيه الخاص، لأن الفن فيه جانب ذاتي، يتأثر بالذائقة الشخصية، ولا يمكن الإجماع عليه.






