لا يزال الجدل قائمًا بين المشاهدين بعد عرض الحلقة الأخيرة من الدراما-الوثائقية "يا غايب"، التي تناولت حياة الفنان فضل شاكر، في محاولة من صنّاع العمل للإجابة عن أسئلة شغلت الرأي العام لسنوات.
بعد ثماني حلقات جمعت بين الطابعين الدرامي والوثائقي، جاءت الحلقة الختامية "وقفة مع الماضي" بتوجه مختلف، لتركز على المسار القانوني للقضية عبر استضافة شخصيات إعلامية وحقوقية، من بينها وكيلة الدفاع د. أماتا مبارك، ورئيس المحكمة العسكرية السابق القاضي خليل إبراهيم، إلى جانب الصحفي والناقد د. جمال فياض، والناشط السياسي عدنان عبد الله، الذي قدّم شهادة مثيرة حول فيديو متداول، قيل إنه يُظهر اعترافًا لفضل، مؤكدًا أنه صُوّر قبل خمسة أيام من أحداث عبرا التي ارتبط اسم فضل بها.
تجدر الإشارة إلى أن القضية التي يتناولها العمل تتعلق باتهام فضل شاكر بالتورط في أحداث عبرا عام 2013، وصدور عدة أحكام غيابية بحقه من القضاء اللبناني.
وكنا قد استعرضنا في تقرير سابق الحلقات الأولى من الوثائقي، التي شهدت ظهوره للمرة الأولى منذ سنوات، وسلطت الضوء على بداياته الفنية ومسار حياته الشخصية.
ردود أفعال منقسمة
تباينت ردود الأفعال على العمل حتى قبل صدوره. فبينما رأى فيه البعض محاولة لتلميع صورة فضل شاكر، اعتبره آخرون توثيقًا صادقًا لمسيرة شخصية مثيرة للجدل، خاصة أن العمل يغوص في محطات حياته منذ طفولته، مسلطًا الضوء على نشأته في دار للأيتام، وتوقفه عن الدراسة في سن مبكرة، ثم دخوله سوق العمل في مهن حرفية قبل أن يصعد للشهرة. اعتمد العمل على مشاهد تمثيلية وموسيقى تصويرية تعكس المناخ النفسي لفضل، وتبرز صورة إنسانية له، بلغت ذروتها حين ظهر فضل بنفسه يروي تفاصيل معينة للمرة الأولى.
مواقف أخذت على محمل سياسي
في أكثر من موضع، شدّد فضل على أن مواقفه كانت إنسانية وليست سياسية، وأن دافعه كان دائمًا التضامن مع الضحايا، لا تبنّيه لأجندة سياسية. لكنه اعترف أيضًا، في أكثر من مقطع، بأن تصريحاته في تلك المرحلة حملت طابعًا خطيرًا أثّر سلبًا على أسرته، وعلى صورته العامة.
وبينما نفى تعرضه لأي نوع من "غسيل الدماغ"، قال إن تأثره الشديد بما شاهده من دمار وفساد آنذاك هو ما دفعه لاتخاذ مواقف حادّة في مرحلة معينة من حياته، واعتقاده أنه يسلك الطريق الصحيح وقتها.
فضل نفسه علّق على ردود الفعل عبر منصة "إكس"، موجّهًا الشكر لمن تابع العمل، ومطالبًا بـ"تحرّي الدقة" في تقييم قضيته، منتقدًا بعض الإعلاميين الذين وصفهم بـ"مدّعي المعرفة".
لا شك أن "يا غايب" أثار نقاشًا جديدًا حول قضية فضل شاكر، لكنه لم يقدّم إجابات قاطعة. فهل يفتح العمل بابًا لاستعادة ثقة الجمهور، أم أن الطريق لذلك لا يمر سوى عبر المؤسسات القانونية، كما نصحه بعض ضيوف الحلقة الأخيرة؟