صدرت آخر أغاني وردة بعد وفاتها عام 2013. لكن تلك لم يكن المفاجأة الوحيدة لجمهورها، بل تبين أن أغنية "إيام"، قد سُجلت باللهجة اللبنانية، لتبقى وردة على عهدها بالتجديد حتى في آخر أغاني مسيرتها الطويلة.
كلما سمعنا الأغنية نشعر أن وردة تركت وراءها رسالة ختامية عن الحياة والتسامح، والمصالحة قبل فوات الأوان. الأغنية التي ناقشت العلاقات الإنسانية، جاءت محمّلة بتجارب السنين ونظرة ناضجة للحياة، وافتُتحت بكلمات مؤثرة: "إيام بنعدها / ولو فينا نردها / كنا ردينا أوقات / صارت هلأ ذكريات / لكن يا خسارة الحياة / تمرق ما فينا نردها."
لكن.. كيف ولدت الأغنية التي ستصبح المحطة الوداعية لوردة؟
وردة المتجددة دائمًا
عاصرت وردة الجزائرية أجيالا متعددة، وتمكنت من مواكبة التحولات التي طرأت على شكل الأغنية العربية، فطوعتها بما يتماشى مع قدراتها الصوتية وتاريخها العريق.
وفي عام 2009 تعاقدت معها شركة روتانا لإنتاج ألبومين غنائيين، بعد غياب دام نحو خمس سنوات بسبب أزمة صحية أبعدتها مؤقتًا عن جمهورها.
كانت وردة قد استمعت إلى أغنية "وافترقنا" التي قدمها فضل شاكر ضمن ألبومه "بعدا عالبال" وأحبتها بشدة حتى أنها جعلتها نغمة لهاتفها، بحسب تصريحات لملحن الأغنية بلال الزين.
هذا الإعجاب دفعها للبحث عن صُناع الأغنية - الشاعر منير بو عساف والملحن بلال الزين- بهدف التعاون معهما في إحدى أغنيات ألبومها الجديد.
وردة تقدم أغنية باللهجة اللبنانية
وبالفعل عرض عليها الثنائي بلال الزين ومنير بو عساف أغنية باللهجة اللبنانية بعنوان "إيام"، فأعجبت بها وبموضوعها، وقامت بتسجيلها في مصر عام 2009. ورغم أن وردة نشأت في فرنسا وارتبط اسمها طويلًا بالأغنية المصرية، إلا أن أصول والدتها اللبنانية ساعدت في تعزيز إتقانها للهجة ومكنتها من أداء الأغنية بسلاسة.
صدر ألبوم وردة بالتعاون مع شركة روتانا عام 2011، أي قبل وفاتها بعام واحد فقط، وتضمن 6 أغنيات لم تكن من بينها أغنية "إيام". ورغم تعاونها مع عدد من الأسماء اللامعة آنذاك، من بينها مروان خوري في أغنية "أمل" لم يرو الألبوم ظمأ محبيها، الذين كانوا ينتظرون عودة أقوى للفنانة الكبيرة.
الوصية الأخيرة لـ وردة
غياب "إيام" عن الألبوم لم يكن بسبب فني، بل نتيجة خلاف في وجهات النظر بين صُناع الأغنية والشركة المنتجة. دفع ذلك وردة إلى الاحتفاظ بها مع نية تصويرها وإصدارها على نفقتها الخاصة. لكن رحيلها حال دون ذلك، فتولى ابنها رياض قصري مهمة استكمال تنفيذ الفيديو كليب، بالتعاون مع المخرج الجزائري مؤنس خمار، تنفيذًا لرغبتها في أن ترى الأغنية النور.
تم تنفيذ الكليب باستخدام تقنية الأنيميشن، حيث ظهرت وردة كراوية لثلاث قصص مؤثرة وقد صُور الفيديو في أماكن متفرقة من الجزائر. وًعرضت الأغنية للمرة الأولى خلال احتفالية خاصة هناك بمناسبة الذكرى الأولى لرحيلها، لتُخلد "إيام" كرسالة وداع أخيرة من وردة إلى جمهورها.