بصوت أكثر صرامة وحضور أكثر نضجًا، تعود المغنية المغربية الشابة، وإحدى أكثر المواهب المحلية إثارةً للاهتمام، بإصدار جديد يفتتح فصلًا جديدًا من مشوارها. ففي أغنيتها "ها وليدي"، التي صدرت قبل أسبوعين، تمزج جيلان بين الحداثة والهوية، وتوظف الرموز المغربية من القفطان والتبوريدة وحتى طقوس تحضير الشاي، إلى جانب إيقاعات من موسيقى الغْناوة، مثل آلة القَرْقب، لتقدم عملاً يضعها في مكانة جديدة. وفي أقل من أسبوعين، نجحت بتجاوز الـ 10 ملايين استماع على يوتيوب وحده.
من "ذا فويس" إلى مشروعها الفني الخاص
بدأت جيلان، واسمها الحقيقي خولة المجاهد، رحلتها الفنية من خلفية عائلية موسيقية، كونها ابنة عازف الكمان سعيد المجاهد. ظهرت لأول مرة أمام الجمهور من خلال مشاركتها في برنامج ذا فويس، وأحب صوتها كاظم الساهر وصابر الرباعي بعد تقديمها أداء خاطف. بعد تلك التجربة، بدأت في تشكيل ملامح مشروعها الفني الخاص، الذي جمع بين الأر-أند-بي والجاز والتأثيرات المغربية، في محاولة لبناء صوت يعكس خلفيتها وتطلعاتها الفنية.
منذ بداياتها، تبنّت جيلان أسلوبًا يمزج بين التوزيع الغربي بطابعه العصري، والصوت المغربي من حيث النَفَس الغنائي والأداء، وهو ما بدا واضحًا في إصداراتها الأولى مثل "Je t’aime" و"Mama". هذا التوجّه تطوّر بشكل لافت في أغنية "شي وقت" التي أصدرتها عام 2020 بالتعاون مع المنتج والملحن بيتهوفن، الذي ارتبط اسمه بعدد من أعمالها وشاركها كتابة وتلحين العديد من الأغاني. تناولت الأغنية موضوع الاكتئاب من زاوية شخصية وإنسانية، وشكّلت لحظة فارقة في مسيرتها، إذ قدّمتها للجمهور ككاتبة أغاني تُعبّر عن مشاعر حقيقية وقضايا نفسية بصدق وشفافية.
تميّزت مسيرة جيلان بسلسلة من الإصدارات التي تنوّعت بين الأغاني الرومانسية والتعبير عن المشاعر الشخصية، من بينها أغنية "ألو ألو" التي حققت أكثر من 32 مليون مشاهدة على يوتيوب، لتكرّس حضورها في المشهد الغنائي المغربي. كما قدّمت أغنية "Oui Oui" التي حملت رسالة ضمنية تحتفي بجمال البشرة السوداء، بأسلوب بصري وموسيقي بسيط يعبّر عن وعي اجتماعي من دون كلام مباشر.
تعاونات إفريقية ومحلية
شكّلت التعاونات المغربية والأفريقية محطة بارزة في مسيرة جيلان، إذ جاء أبرزها في أغنية "Man On Fire" إلى جانب الفنان أيدهامز من المشهد النيجيري. كما انفتحت على شراكات فنية مع أسماء مثل موهومبي وحنان لخضر في أغنية "La Magie"، ما عكس توجهها نحو مشروع فني يتجاوز حدود المشهد المحلي، ويضعها ضمن موجة من الفنانين المغاربة الطامحين إلى حضور أوسع في الساحة العالمية.
قدّمت أغنية "نيفو طلع" عام 2024، بالتعاون مع رضوان غزير والرابر ستورمي، كتحية تشجيعية لمنتخب المغرب قبيل انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية في ساحل العاج. جاءت الأغنية بإيقاع حيوي وجوّ بصري شبابي يعبّر عن الحماس الجماهيري، وشكّلت جزءًا من موجة الأغاني التي ترافق عادةً المحطات الكروية الكبرى.
بفضل أسلوبها الذي يمزج بين العمق العاطفي والحضور البصري المعاصر، جذبت جايلان جمهورًا واسعًا من داخل المغرب وخارجه، محققة ملايين استماع عبر مختلف المنصات. وفي وقت يزداد فيه حضور الفنانات في المشهد المغاربي، تثبت جايلان أن المزج بين الجذور والانفتاح ليس مجرّد خيار جمالي، بل هو مشروع فني متكامل يليق بمكانتها كصوت جديد في الأغنية المغربية.