صوت جاء من الجزائر محمّلًا بأسئلة الهوية والحرية، استطاعت سعاد ماسي أن تبني عالمها الموسيقي الخاص، عالم يعكس رحلتها في البحث عن الذات والتعبير عن تجاربها الإنسانية العميقة.
تنقلت سعاد في التسعينيات بين فرق مختلفة، من فرقة الفلامنكو "تريانا" إلى فرقة الروك "أتاكور"، وكانت تلك مرحلة بحث وتجريب، تبحث فيها عن صوتها الخاص قبل أن تترك الجزائر وتنتقل إلى فرنسا، لتجد مساحة أكبر للحرية الفنية والتجريب الصوتي.
كل هذه التجارب انعكست في ألبومها الأول "راوي" الذي صدر عام 2001، والذي قدّم صوتًا جديدًا في الموسيقى الجزائرية والمشهد الموسيقي في المنطقة. في هذا الألبوم دمجت سعاد ماسي بين الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى العربية الأندلسية، ووسعت لاحقًا مساحتها لتتضمن تأثيرات من البلوز والفولك والروك، لتصنع صوتًا متفردًا قريبًا من المستمع، يحمل في طياته الحنين والهوية والحرية.
بعده صدر ألبومها "ددب" عام 2003 الذي ضم أغنية "غير أنت" التي عادت بعد أكثر من عشرين سنة لتنتشر من جديد، مؤكدة على قدرة موسيقاها على العيش طويلاً في الذاكرة الموسيقية لجمهورها.
حملت أغانيها ثيمات مرتبطة بالهوية والغربة والبعد عن الوطن، وتناول بعضها مواضيع الحرية والتحرر والخيانة والحب، مع قدرة على المزج بين العمق الشخصي والبعد الجماعي في التعبير الموسيقي.
حتى التأثيرات الأدبية كانت حاضرة في ألبومها "المتكلمون" الصادر عام 2015، الذي اعتمد نصوصاً لشعراء كبار من المنطقة مثل أبو القاسم الشابي والمتنبي، ودمج فيه بين التأثيرات الإفريقية والبوسا نوفا وأنماط موسيقية متنوعة، ما أتاح لها توسيع آفاقها الفنية وتقديم تجربة موسيقية غنية ومتعددة الأبعاد.
وهكذا، توالت ألبوماتها التي جعلت من صوتها الأكوستيك الدافئ أداة قادرة على حمل مشاعر كثيرة، وأمكنها من بناء عالم يشبهها، عالم يتجاوز الحدود، ويصبح جزءاً مهماً من مشهد الموسيقى الإندي في المنطقة. واليوم، يترقب جمهورها ألبومها الجديد الذي أطلقت منه أولى العينات، مع استمرارها في التعبير عن هويتها وإبداعها الموسيقي الخاص.

