لم تكن للا فضة يومًا فنانة خجولة. منذ بداياتها في المشهد، عندما قدمت أغانٍ يمكن وضعها تحت خانة جنرا الإندي مثل "الوقت مش بيعدي" و"آخر أيام المدينة" في 2021، عرّفت نفسها كصوت حساس ودرامي، يميل إلى الشجن حينًا وإلى المواجهة حينًا آخر، لكنه دائمًا خرج من مكان صادق. لكن في تراك "أختي" الصادر يوم أمس، يتراجع كل ذلك.
صوت أنثوي جريء في السين المصري
انتقلت للا فضة من الإندي إلى الهيب هوب بخطوة جريئة، تكرّست بتعاونها مع أبيوسف، لا سيما في أغنية "فكك مني" التي شكلت لحظة انعطاف في مسيرتها، وفتحت الباب أمام صوت نسائي مختلف ومباشر ولا يخاف من الخشونة، وقدمت فيها بارات تبجح تحمل سردية واثقة تدور حول اسمها وحياتها.
وفي ألبومها القصير الأخير "مجنون"، استطاعت أن تخلق مساحات تعبر فيها عن الذات الأنثوية من موقع قوة لا ادعاء. في أغنية "تارات تارات تات" ظهرت كفنانة تدرك وزن صوتها وتستخدمه لصالح النساء. وحتى حين قدمت تراكات فليكسنيغ (التبجح والتفاخر) مثل "u8"، حافظت على خيط داخلي يربط بين أسلوبها الخاص وهذه الثيمة، ما أعطى الإصدارات بعدًا أكثر من مجرد تفوق لحظي.
لكن في الأغنية الجديدة، تبدو للا وكأنها تبتعد، ولو قليلًا، عن الصوت الذي ميّزها سابقًا، لمجرد أن تتمكن من دخول منطقة يُهيمن عليها حضور ذكوري تنافسي. هذه النبرة لا تبدو منسجمة تمامًا مع المسار الذي رسمته لنفسها، وقد تعكس محاولة لإثبات الذات في مشهد ضاغط بتوقعاته وشروطه.
بين الكلام والموسيقى: للا مش للا
نعم، الفليكس جزء من لغة الراب. ونعم من المنعش أن نسمع دس تراك من امرأة، خاصةً في ظل مشهد موسيقي يعج بالخطاب المكرر نفسه. كنا نترقب من مدة إصدار يحمل حبكات ورسائل عميقة، ولكن "أختي" لا تشعرنا أن للا تواجه أحدًا، بل تريد فقط تحويل نجاحاتها من مسار جماعي إلى انتصار فردي على حساب الأخريات. الأغنية تمتلئ بجُمل مثل "أنا ماركة جوّا وبرّا" و"أنا أخلي كل تيمك مرتبك"، ولا تخفي نبرة السخرية أو الاستقواء.
موسيقيًا، لا جديد. الفلو مستنسخ، البنية محفوظة، والتقنيات الصوتية لم تُستخدم لتطوير شخصية للا فضة، بل لتثبيت صورة سبق أن سمعناها. وجود أبيوسف كمساعد منتج أصبح لا يمكن تجاهله، بل بات ينعكس بشكل مباشر على هويّتها الصوتية، إلى درجة دفعت كثيرين في التعليقات للتساؤل: هل أصبحت للا نسخة عن أبيوسف؟
السؤال لا يأتي من باب الانتقاص، فقد أثبت إصدار "قطّع" أن الكيمياء بين أبيوسف وللا عالية جدًا، وأن بإمكانهما أداء أدوارهم متسقة، حيث لكل منهما صوته المستقل. لكننا نلاحظ في الأغنية الجديدة تشابه الأسلوب وتكرار البصمة الصوتية ذاتها، ما يترك أثراً على استقلالية للا الفنية وقدرتها على خلق هوية متجددة.
في مرحلة مفصلية مثل هذه، لا يكفي أن تكون للا "pro"، كما تقول في الأغنية. المطلوب اليوم هو أن تكون صادقة. أن تعود إلى الصوت الذي ميّزها، والجرأة في التعبير لتقديم صورة حقيقية عن نفسها. بعد "أختي" يبدأ مفترق طرق: أن تبحث للا فضة عن صوتها مجددًا، أو تكتفي بأن تكون صدى لآخرين، تُعيد إنتاج نبرة لا تشبهها، في حروب لا تليق بها.