"أنا فنان حر…مش مهم الكم، المهم القيمة. أنا بعمل الأغاني اللي بحبها، مش عشان أكون تريند".
بهذه العبارات لخّص أمير عيد، بوقفة قصيرة على المسرح مع فرقته كايروكي، موقفه من علاقة الموسيقى بالترند. لكن المفارقة أن أغنية الفرقة الأشهر، "بسرح وأتوه"، عادت بعدها بأسابيع قليلة فقط لتسجّل حضورًا لافتًا على قائمة أعلى 50 تيك توك بيلبورد عربية، باحتلالها المرتبة الخامسة والعشرين هذا الأسبوع، وذلك بعد مرور قرابة عامين على صدورها.
قد يرى أمير عيد أن القيمة تتفوّق على الأرقام، لكن النجاح الأخير للأغنية على تيك توك يكشف معادلة أعقد وأجمل: حين تحمل الموسيقى ما يكفي من الصدق والتجربة الإنسانية، تصبح قادرة على مراكمة القيمة والانتشار معًا، فالأغنية لم تعد ملكًا لصنّاعها وحدهم، بل أصبحت جزءًا من أرشيف عاطفي جماعي، يتجدد مع كل إعادة نشر.
بسرح وأتوه في الذكريات مع كايروكي
عودة "بسرح وأتوه" لم تكن مدفوعة بإصدار جديد أو حملة ترويجية، بل جاءت من الجمهور مباشرة. مئات المقاطع المصوّرة على تيك توك استعادت الأغنية لترافق صورًا وذكريات شخصية: من الطفولة والعائلة إلى اللحظات اليومية العابرة. تحوّلت الموسيقى إلى خلفية عاطفية تحتفي بالزمن، تربط بين "الأمس" و"اليوم"، وتُعيد صياغة علاقة المستمع بالأغنية نفسها.
ما ميّز هذه العودة أنّها تزامنت مع انتشار تريند Hug My Young Self، الذي يشجّع المستخدمين على نشر صور طفولتهم و"احتضان ذواتهم الصغيرة". الأغنية انسجمت بسلاسة مع روح التريند، للتوضح كيف أصبحت الترندات لاعبًا أساسيًا في إعادة إحياء الأغاني داخل المنصات الرقمية، بحيث تصبح جزءًا من قصتها بقدر ما هي نتيجة لانتشارها.
هذا الارتباط بالنوستالجيا لا يُعدّ طارئًا على مسيرة كايروكي. فالفرقة كرّست عبر سنوات عملها خطابًا موسيقيًا يقوم على استحضار الذاكرة والبحث في معنى الحنين والوطن وسط تعقيدات الواقع. و"بسرح وأتوه" جاءت استمرارًا لهذه الهوية.