لا يمكن قراءة خصوصية ألبوم ليه سبتها بمعزل عن سياق مسيرة أنغام الموسيقية، فأنغام التي نشأت ضمن عائلة فنية عريقة، والتي تميّزت مُنذ أن كانت طفلة بغناء الأغاني الطربية بإشراف والدها الملحن محمد علي سليمان، حافظت في إصداراتها الأولى على التقاليد الموسيقية التي ورثتها. أظهرتها أغاني ألبوماتها منذ في الركن البعيد الهادي عام 1987 كالأكثر كلاسيكية بين أبناء جيلها، باعتمادها الكامل على ألحان أبيها حتى ألبوم إلا أنا سنة 1993، وإن كانت قد تخللت إصداراتها في تلك الفترة بعض الأغاني التي تتماشى لحنًا وتوزيعًا مع الأغاني الشبابية الدارجة، مثل لالي لي لالي. أما مع الوصول إلى النصف الثاني من التسعينيات، فخاضت أنغام رحلة بحثت فيها عن الصوت الذي ترغب هي بتقديمه، عوضًا عن الصوت والأسلوب الذي اختير لها.
في الفترة ذاتها، كانت أغنية البوب المصرية تتطور بوتيرة مُتسارعة، مع استيعابها لتأثير تيارات الموسيقى العالمية، ولاسيما البوب اللاتيني. وبمعزل عن ألبومات أنغام الخليجية في تلك المرحلة، فقد تجلى في ألبوماتها المصرية صراع بين رغبتين متضاربتين ما بين التجديد والأصالة. تجلت في ألبومات بقولك إيه ووحدانية نزعتها لتقديم أغاني رومانسية تتماشى مع التيار الموسيقي السائد، لكنَّ هاجسها بالأصالة شكّل عائقًا قاومها، حتى جاء ألبوم ليه سبتها سنة 2001.
يتكون الألبوم من تسع أغانٍ وتراك لموسيقى ليه سبتها. برزت بين أغاني الألبوم الأغنية الافتتاحية فيه التي اصدرت لها فيديو كليب، وهي سيدي وصالك، التي كتبها عزت الجندي ولحّنها شريف تاج ووزعها طارق عاكف. نجحت هذه الأغنية في تحقيق المعادلة الصعبة، وقد جمعت بين الجماليات الموسيقية والأدائية والقدرة على الاقتراب من ستايل البوب، كما كان لإطلالة أنغام العصرية في كليب الأغنية ولجمالية الصورة دور في انتشارها.
جاءت الأغنية مميزة بكل عناصرها، فبدت الكلمات شديدة الشاعرية ومليئة بالمُفردات غير المألوفة في أغاني البوب المصرية، وأجمل ما فيها الجناس التام في لازمتها: "ده أنت النسايم يلي فيها العمر حالي/ إنت يا سيدي تحس بيا ترأف بحالي". تُوظف كلمة حالي هنا في معنيين، ففي أول مرة تعني أن العمر ازداد حلاوة، وفي الثاني تعني الذات. أضفى اللحن ومطلعه على مقام النهاوند حسًا رومانسيًا عاليًا على الكلمات، وازداد إثارة في اللازمة التي يتبدل مقامها إلى الكُرد، وفي الكوبليهات التي تنتقل إلى الحجاز الذي يُتيح لأنغام استعراض قدرات صوتها وجماليته الطربية. أما أجمل عناصر الأغنية فهو بلا شك التوزيعات المليئة بالتفاصيل، حيث تتداخل فيها أصوات الفلوت مع الجيتارات لتُعطي طابعًا غربيًا، بالإضافة للكمانجات والإيقاعات التي تبث روحًا شرقية فيه.
وفي الأغنية الرئيسية التي تحمل اسم الألبوم ليه سبتها، والتي كتبها بهاء الدين محمد ولحّنها شريف تاج ووزعها طارق مدكور، تُقدم أنغام واحدة من أجمل أغاني البوب لاتيني العناصر والتوزيعات، وتختار فيها موضوعًا شائعًا في أغانيها، إذ تضع نفسها في موقع الضلع الثالث من مثلث العلاقات العاطفية، وتُغني بشاعرية عن علاقة هي الطرف الخارجي فيها: "هو انت ليه سبتها.. هو انت ليه عذبتها/ مش دي اللي عشقها خيالك .. وحكيت عنها للناس/ هو انت ايه اللي جرالك .. بتبيع وتخون وخلاص".
تبرز ايضًا بين أغاني الألبوم نجوم الليل، التي كتبها وائل هلال ولحّنها أمير عبد المجيد ووزعها أشرف محروس. تُحافظ أنغام في هذه الأغنية على أسلوب أدائها الطربي بروح أكثر عصرية، وتُقدّم في كلماتها تناقضًا حين تُغني لتقول بأن حبها لا يحتاج لأغانٍ تبرهنه.
تظهر هذه الأغاني كمثال بارز بين أغنيات الألبوم على الدور الكبير الذي مثّله كنقطة تحول بارزة في مسيرة أنغام الموسيقية، ففيه عثرت أخيرًا على نقطة التوازن، وحددت فيه أسلوبها الذي سيلازمها في السنوات التالية، باستيعاب أغانيها لسطوة الموسيقى اللاتينية في التوزيعات خصوصًا، والتجريب الأدائي الذي سمح بإدراك قدرة صوتها على تقديم الإيقاعي والحيوي تمامًا كما يقدّم الطربي.