بعد أن قدمت مؤخراً أغنية "دق التلفون" باللهجة المحكية مبتعدةً مؤقتاً عن مشروعها القائم على الفصحى، عادت الفنانة أروى السعودية في إصدارها الجديد "أنا أتغيّر" لتؤكد تمسكها بالخط الفني الذي ميزها منذ بداياتها. فمنذ ظهورها الأول قبل أكثر من ثلاث سنوات، عُرفت أروى بميلها للغناء باللغة العربية الفصحى، حيث أطلت أولاً عبر كوفرات لأغاني قديمة باللغة الفصحى مثل "قارئة الفنجان" لعبد الحليم حافظ وموشحات مثل "يا شادي الألحان" و"لما بدا يتثنى". ثم انتقلت لاحقاً إلى إصدار أغاني خاصة، من أبرزها "لقاء السحب" و"فكم قالوا"، لتضع بصمتها كمطربة سعودية تستثمر الشعر الفصيح في قالب غنائي معاصر.
أغنيتها الجديدة التي صدرت بعنوان "أنا أتغير"، جاءت من كلمات محمد إبراهيم يعقوب وألحان علي السنان وتوزيع منير الحريري. الأغنية شعريًا جاءت مشبعة بالتناقضات الإنسانية والاعترافات العاطفية، تعيد الجمهور إلى هوية أروى التي تختار الفصحى مساحةً للتجريب والتجديد.
حكم أولي
العنصر الأقوى بالأغنية هو الكلمات، فهي قصيدة مكتملة الملامح تحمل نَفَساً شعرياً عاليًا، أكثر شعرية من التجارب الغنائية باللغة العربية الفصحى. يعقوب صاغ الكلمات على هيئة اعترافات متوترة: "لا تفترض شيئاً، أنا أتغير"، جملة افتتاحية تكثّف فكرة التحوّل الدائم وعدم الثبات، وكأنها بيان شخصي وجودي.
من الناحية اللحنية، حافظ علي السنان على روح النص من خلال جملة موسيقية انسيابية غير متكلفة، لكنها لم تغامر كثيراً في كسر المألوف. هنا يظهر السؤال: هل كان الشعر القوي بحاجة إلى لحن أكثر حدّة ودرامية كي يوازي شجاعته؟ أم أن البساطة في التلحين كانت مقصودة لترك المساحة للنص كي يفرض حضوره؟
أما على مستوى الأداء، فقدمت أروى السعودية صوتها بشغف واضح وصدق عاطفي، إذ بدا أنها تعايش النص أكثر مما أدّته. غير أن هذا الانغماس جعل بعض المقاطع أقرب إلى الإلقاء الشعري منها إلى الغناء المطرب، وهو ما قد يربك المستمع الباحث عن متعة اللحن بقدر ما يشده المستمع القارئ للشعر.
ويمكن القول أن الأغنية جاءت كخيار موفق، يعكس رغبة أروى في تجديد هويتها الغنائية بعيداً عن أنماط الأغنية الخليجية المكررة، لكنه في الوقت نفسه يضعها أمام تحدٍ صعب: كيف تجذب جمهور الأغنية التجارية بينما تواصل الرهان على الفصحى والقصيدة المكثفة؟