نستحضر إذ نرجع بذاكرتنا إلى بداية الألفينات، إلى عصر الفضائيات والقنوات التي تعرض الكليبات العربية على مدار الساعة، ظهور مطرب خليجي جديد لا يُشبه أحد، يغني بخامة صوته الحادة والمختلفة أغنيات مغرقة بالإحساس تأسر القلب، ويُقدم كليبات مختلفة عن السائد تعالج قضايا مجتمعية دارجة، في كليبات أغنيات بودعك ويا صغر الفرح في قلبي. هكذا بدأت تتشكل علاقتنا مع
يتكون الألبوم من ١٤ أغنية، فاجأنا الجسمي فيه بقدرته على تقديم ألوان متنوعة، فيحضر التراث الخليجي بأغنية محمل الشام، وتتماشى عدة أغانٍ مع التركيبة الموسيقة السائدة في الأغنية الخليجية التقليدية، مثل دعوة المظلوم وانتهينا وإن هويتونا، التي يتم الاعتماد فيها بشكل أساسي على الكورال والإيقاعات الخليجيين المتناغمين مع جوقة الكمانجات. تحضر التركيبة الموسيقية ذاتها مع بعض العناصر الدخيلة على الأغنية التقليدية لتزداد فيها الإثارة، كما هو الحال في أغنية بكيتك، التي يؤدي فيها حسين الجسمي بعض المقاطع بأسلوب شبيه بالموال الشامي الشعبي، ويتم استخدام الكمانجات بأسلوب مشابه لأغاني البوب التسعيناتية في مصر وبلاد الشام، لقفل الجمل الموسيقية والتعقيب على الكلمات.
تشكل الإيقاعات الخليجية العصب الأساسي أيضًا للأغاني الأكثر حركية في الألبوم، فهي تشغل صدراة التوزيع الموسيقي في أغانٍ مثل باسي والراعي والذيب، وتتراجع قليلًا في الشاكي خلف التنويعات اللحنية المختلفة والجذابة التي يعتمد فيها على الإيقاعات الإلكترونية، وتدخل الجيتارات الكهربائية في تركيبتها إلى جانب الكمنجات والناي. أما في أغنية الرسالة، فيُبحر الجسمي إلى الهند ليستورد لحنًا راقصًا على آلة السيتار الهندي، وتتداخل الإيقاعات الهندية مع الإيقاعات الخليجية بشكل مثير، وحتى الكورال الخليجي يتحرر من أسلوبه التقليدية الرصين ليستوعب التأثيرات الهندية.
أما أغنية ما يسوى فتأتي لتكون الأغنية الاستثنائية في ألبوم الجسمي ٢٠٠٤، والتي ينسلخ فيها عن التراث الخليجي بشكل كامل، ليقدم الجسمي الأداء الميلانكولي الأكثر تأثيرًا وقدرة على اختراق جدران القلب، حتى لمن لا يتقنون اللهجة الخليجية. من العلامات الفارقة كذلك في ألبوم الجسمي ٢٠٠٤، أغنية بتشبه عليا، ففيها جرّب الجسمي الغناء لأول مرة باللهجة المصرية، لتلازمه بعد ذلك في هيتات السنوات اللاحقة.