انتشر فن الخبيتي في بلاد الحجاز قبل مئات السنين، وانطلق من المناطق الساحلية السعودية إلى باقي المدن، ويعتبر واحدًا من أهم الفنون الشعبية في المنطقة حاليًا. يعتمد هذا اللون الفلكلوري على إيقاع يشبه السامري أو الزار المصري، وتحييه مجموعة من الفنانين والراقصين في ليلة كاملة، إذ اشتهر في الأعراس والمناسبات التقليدية، كما تداخلت عناصره في السنوات الأخيرة مع أغاني البوب.
تبدأ جلسة الخبيتي بمجموعة جالسة على شكل دائرة، يتوسطها الشاعر أو المغني ليقدم في أول بيتين ملخصًا للقصيدة. تعتبر آلة السمسمية القادمة من التراث الموسيقي البحري واحدة من أهم آلاته، وهي التي تعطيه اللحن المطلوب، إلى جانب آلة المزمار أو البوص وهي عبارة عن قصبتين ملتصقتين. بعد التمهيد للحن يبدأ عازفو الدفوف برص الإيقاع الذي يشكل العمود الفقري لهذا الفن، كما تستخدم الطيران والطبول، مصحوبة بتصفيق الحضور.
يدخل راقصان أو أكثر إلى وسط الدائرة بلباس تقليدي يسمى الثوب الحويسي، وهو ثوب فضفاض يعطي للراقص مساحته بالتحرك سريعًا والدوران على رجل واحدة لينسجم شكله مع ضربات الإيقاع. تبدل لون الثوب من أبيض قديمًا إلى ألوان زاهية مع تطريزات مبهرة في العروض الجديدة.
تقدم ألحان الخبيتي إيقاعات سلسة وموزونة، ويكتب الشعراء أبيات مرتبطة بعمق الثقافة السعودية. نقل بعض الفنانين مع الوقت الخبيتي إلى استوديوهات التسجيل بعد أن تمرّسوا فيه، وأرشفوا الكلمات أوالألحان الفلكلورية مثل الفنان غازي مبارك في "خبيتيات". كما أطلق الفنان عابد البلادي ألبوم "خبيتي"، وقدم في "نحمد الله" ألحان مبتكرة وجذابة على آلة السمسمية.
أتاحت سهولة وسرعة إيقاع الخبيتي له التطور، ليدخل على الأغنية الخليجية بعد أن استقدمه فنانون مثل محمد عبده في إصدارات كثيرة منها "وبليت يا قلبي". تحول هذا الإيقاع إلى عنصر هام في البوب الخليجي، وأثر على التطور اللحني للأغنية الخليجية المعاصرة، بعد أن انتقلت العدوى إلى فنانين آخرين مثل بلقيس في "دقوا خبيتي".
عرف الخبيتي مرحلة تجديدية، عندما أدخل عليه صوت الأورغ الشعبي في السنوات الماضية وشهد تطورًا ملحوظًا على صعيدي الغناء والرقص. أنتج ماجد العيسى في "ليحي" تجربة فريدة، بعد أن استوحى إيقاعها من الخبيتي وحوله إلى إيقاع إلكتروني مع ضربات مفخمة، كما استعرض في كليب الأغنية الرقصة بالزي التقليدي.
تطور الخبيتي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن اعتبر فنًّا سعوديًا تقليديًا. ساهمت الدولة بحفظه وتقديمه في المسرحيات والعروض الفنية التي تعمد إلى تقديم التراث السعودي. كما تم تأسيس عدد من المراكز الفنية لتعليمه، وقُدِّمت الكثير من العروض الحديثة التي عززت استخدام تقنيات عصرية مثل الإضاءة في إبراز جماليات الحركات الراقصة.