في الوقت الذي يتسابق فيه جيل الشباب على امتداد العالم العربي ضمن جنرات وألوان موسيقية متنوعة لتقديم المختلف والخارج عن المألوف، ينفي عايض بالمقابل عن نفسه صفة التجديد بالكامل، إذ يصرّ خلال حديثه أنه امتداد لمن سبقوه، ولا يدّعي أنه حاول الخروج عنهم في أي مرحلة. يمضي عايض في حديثه هذا، لنجد أنفسنا أمام موهبة يافعة حققت نجاحات غير مسبوقة على ساحة الأغنية الخليجية الشبابية، ونجم هو الأبرز والأكثر استماعًا بين أبناء جيله، لكنه رغم ذلك يكتسي بتصميم وإصرار بالحلة الكلاسيكية لرواد المشهد الخليجي ممّن سبقوه، متسلحًا بالأدوات الفنية والإنتاجية العصرية التي يرى أنها أحد الأسباب الرئيسية في انتشار موسيقاه على نطاق واسع.
"أنا ما أعتقد إني سويت شي مختلف، أنا امتداد للمدارس والفنانين اللي قبل، يعني ماشي على خطاهم وما حس إني سويت شي عظيم أو شي مختلف سمعيًا، بس خلنا نتكلم انه احنا في عصر الديجيتال الآن، ويمكن هذا الشي اللي اختلف عن الأغاني السابقة وإلا الأغاني هي هي". يدرك عايض إذًا أنه هنا لتقديم المزيد من الكلاسيكيات للبوب الخليجي، التي يبدو أن الجمهور متعطش لها دومًا. فإن كان هو نفسه كمستمع قبل كل شيء لا يكتفي من موسيقى الجيل الأكبر منه، لمَ لا يستكمل إذًا، ببصمته الخاصة، تجارب من سبقوه؟
لا شك أن سنة 2024 كانت من أنجح السنوات بالنسبة إلى عايض، نجم غلاف بيلبورد عربية لشهر سبتمبر/ أيلول. فقد بدأت السنة بقوة، حيث فاز بجائزة الفنان المفضل عن فئة الموسيقى في حفل جوي أواردز الذي تنظمه هيئة الترفيه. بعد ذلك أطلق ديو مميزًا مع النجم خالد المظفر في أغنية "عالم العشاق"، التي أخبرنا عايض أنها كانت مخصصة لخالد فقط كجزء من مسرحيته الأخيرة "الأول من نوعه"، وبعد أن استمع عايض إليها وأعجبته قرر أن يغنيها مع خالد. تعدّ هذه الأغنية اليوم من أكثر الأغاني الخليجية نجاحًا لهذا العام، حيث تصدّرت جميع مواقع التواصل الاجتماعي ودخلت المراتب الأولى في قائمة بيلبورد عربية هوت 100 ثم قائمة أعلى 50 أغنية خليجي.
تبع كل ذلك وصول أغنية "لمّاح" التي شهدت انتشارًا استثنائيًا في شهر واحد فقط، لتتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي وقوائم بيلبورد عربية، حيث احتلت المرتبة الأولى في قائمة أعلى 50 أغنية خليجي لـ 6 أسابيع متتالية حتى تاريخ كتابة هذه الكلمات، ودخلت المراتب العشرة الأولى على قائمة هوت 100، وعاد عايض معها ليدخل من جديد إلى المراتب العشرة الأولى على قائمة 100 فنان، وقد حققت أكثر من 22 مليون مشاهدة على يوتيوب في شهر واحد فقط. وقد توقع عايض نجاح هذه الأغنية، وعبّر لنا عن سعادته الكبيرة بنجاحها وانتشارها الواسع في هذا الوقت القصير.
كان عايض قد بدأ مسيرته الفنية في سنٍّ مبكرة، حيث انطلقت رحلته الفنية في العام 2015 بإصدار أغنية "نسيتني" عبر انستجرام، والتي أُعيد توزيعها ونشرها في يناير/ كانون الثاني 2016، وحققت 14 مليون مشاهدة عبر يوتيوب. تعتبر أغنية "نسيتني" من أقرب الأغاني إلى قلب عايض، فهو لا يترك مناسبة إلا ويذكرها: "هذه الأغنية مختلفة تمامًا عن باقي الأعمال، لأنها كانت البداية بالنسبة لي. أعتقد أن أي فنان عندما يبدأ بأغنية، تظل هذه الأغنية محفورة في ذاكرته مهما قدّم من أعمال في المستقبل، لأنها الأساس، وهي التي لن تخيّب ظنك. مهما تحدثت أو سألت أحد عن عايض، لازم يذكرلك هذي الأغنية".
فيما يلي محطة الانطلاق هذه، وعبر 8 سنوات تالية، استمر عايض في بلورة هويته الفنية وصقلها، الأمر الذي يمكن تتبّعه عبر الألبوم القصير "بالموت جا"، يليه الألبومان الطويلان "ثمان آلام" و"كل الخطا"، إلى جانب العديد من الأغاني المنفردة مثل "ردي" الصادرة في نهاية العام 2023، والتي حققت نجاحات مدوية، وأوصلت عايض إلى أعلى مراتب حقّقها على قائمتَي 100 فنان وهوت 100. وقد أثارت "ردي" حين صدورها العديد من التكهنات حول حياة عايض العاطفية، ليؤكد عايض كما فعل مرارًا في السابق على فصله حياته الشخصية بالكامل عن حياته المهنية، واستبعاده لتأثُّر موسيقاه وأغانيه بأحداث حياته.
أما اليوم، فقد كشف عايض حصريًا لبيلبورد عربية أنه يستعد لإصدار ألبوم قريبًا جدًا، وأطلعنا على بعض تفاصيله قائلًا: "الألبوم يحتوي على أغاني إن شاء الله تعجبكم. الملحنين الحاليين متنوعين، والملحن راكان له النصيب الأكبر، والملحن ياسر بو علي، والملحن سهم، وغالبية الشعراء الموجودين شباب جيل جديد". وقد كان لكل من راكان وياسر أبو علي نصيب تقاسماه في إسهاماتهما عبر مجمل مسيرة عايض، ليرسما الخط الأساسي للموسيقى التي قدّمها عبر السنوات، وقد عرفا كيف يقدّما لعايض ما يطارده ويبحث عنه من صوت الجيل الذي سبقه مثل عبدالمجيد عبدالله ورابح صقر، تاركين التوزيعات لتلعب لعبتها في تقديم ألحانهما بأسلوب معاصر وديناميكي. ويأتي تأكيد عايض على حضورهما في الألبوم القادم كدليل على مدى التزامه بالشراكات التي أسّسها حتى اليوم، وإيمانه بإمكانية تكرار نجاحاته عبر تكرار تعاونه مع عناصر هذا النجاح.