في أمسية حملت الكثير من الدلالات، تحوّل مركز الملك فهد الثقافي في الرياض إلى منصة للاحتفاء بأبرز رموز الإبداع السعودي، مع اختتام الدورة الخامسة من الجوائز الثقافية الوطنية التي تنظمها وزارة الثقافة. الحفل الذي انعقد بحضور وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، أعاد تسليط الضوء على رموز شكلوا ملامح المشهد الثقافي والفني للمملكة عبر العقود.
شخصية العام محمد عبده
أبرز لحظات الأمسية كان تكريم فنان العرب محمد عبده، الذي مُنح جائزة شخصية العام الثقافية تقديراً لمسيرة استثنائية جعلت من الأغنية السعودية حاضرة في وجدان الجمهور العربي لعقود طويلة. عبده الذي حمل الأغنية السعودية إلى أوسع المنصات العربية والدولية، أصبح رمزاً فنياً تجاوز حدود الغناء إلى موقع أيقوني في الذاكرة الثقافية.
ومن بين المكرمين أيضاً، جاء اسم الموسيقار الكبير الدكتور عبدالرب إدريس، الذي حاز جائزة الموسيقى. إدريس، أحد أعمدة الفن في السعودية والخليج، عُرف بألحانه التي صاغت ملامح الهوية الموسيقية المحلية، إلى جانب دوره في تأسيس وتعليم الأوركسترا الوطنية. مسيرته، الممتدة لأكثر من خمسة عقود، جمعت بين الغناء والتلحين، وتعاون خلالها مع أسماء بارزة مثل محمد عبده وطلال مداح، ليثبت مكانته كأحد أعظم ملحني المنطقة.
في ذكرى ملحن الأماكن
الحفل لم يقتصر على الجوائز، بل حمل لحظات وفاء مؤثرة، أبرزها تكريم الموسيقار الراحل ناصر الصالح، وسط حضور أسرة الراحل التي شاركت الجمهور لحظة تخليد إرثه الفني، حيث عزفت الأوركسترا بقيادة المايسترو وليد فايد، بينما صدح الكورال بأغنية "الأماكن" لمحمد عبده.
إلى جانب ذلك، شمل الحفل تكريم أسماء أخرى في مجالات المسرح والفنون الأدائية، حيث نال صالح عبدالواحد الجائزة عن جهوده في صون التراث الشعبي وإدارته لفرقة الدرعية للعرضة السعودية، في تأكيد على أن المشهد الثقافي في المملكة ينهل من الماضي بقدر ما يتطلع إلى المستقبل.
منذ انطلاقها عام 2020، نجحت الجوائز الثقافية الوطنية في أن تتحول إلى مرآة للحركة الثقافية السعودية، ليس فقط بتقدير المبدعين، بل أيضاً بتثبيت فكرة أن الثقافة ركيزة أساسية في التحولات الكبرى التي تعيشها المملكة اليوم.