من الحفلات إلى قاعات الدراسة: فنانون صُممت لهم مناهج مدرسية

لطالما كانت الموسيقى جزءًا أساسيًا من المناهج الأكاديمية، حيث دُرست أعمال كبار المؤلفين الكلاسيكيين مثل باخ وبيتهوفن لقرون. وفي السنوات الأخيرة، باتت جامعات مرموقة مثل هارفارد وييل توسّع رؤيتها لتشمل نجوم البوب المعاصرين مثل تايلور سويفت وبيونسيه وغيرهم باعتبارهم رموزًا ثقافية تستحق الدراسة والتحليل الأكاديمي.

 إليكم نظرة على أبرز الفنانين الذين أصبحوا موضوعًا لمقررات جامعية، والجامعات التي تدرّس مسيرتهم الموسيقية: 

أصبح باد باني أحدث فنان يُدرّس في إحدى أعرق الجامعات في العالم، جامعة ييل الأمريكية، والتي ستطرح مقررًا يتناول تأثيره الثقافي والاجتماعي. يحمل هذا المقرر عنوان "باد باني: الجماليات الموسيقية والسياسة"، ويناقش أثر موسيقاه على الثقافة اللاتينية والجالية البورتوريكية، كما يسلّط الضوء على عدة محاور أخرى مثل الموسيقى الشعبية والهجرة والسياسة.

قام بإعداد هذا المقرر البروفيسور ألبرت لاجونا، أستاذ الدراسات الأمريكية ودراسات العِرق والهجرة في جامعة ييل، والذي كشف أن فكرة المقرر وُلدت بعد استماعه لألبوم باد باني الأخير “DeBí TiRAR MáS FOTos”، موضحًا: "كل أغنية فتحت أمامي بابًا للتأمّل في قضايا تمسّني شخصيًا". 

أعلنت جامعة ييل بنوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي عن خبر تخطيطها لتقديم منهج دراسي تم تخصيصه لدراسة مسيرة بيونسيه الفنية، متناولًا أبرز المحطّات لها مثل أول ألبوماتها المنفردة "Dangerously In Love” إلى أحدث ألبوماتها "Cowboy Carter”، بجانب علاقتها بتاريخ الفنانين الأفريقيين-الأمريكيين. وصفت الجامعة هذا المنهج بأنه "فرصة لتتبّع العلاقة بين عبقرية بيونسيه الفنية وممارساتها الفكرية"، مضيفة: "إن اختيار بيونسيه كموضع للتدريس يعتبر مناسبًا جدًا، فقد حققت الفنانة العديد من الإنجازات، كما دمجت ما بين التاريخ والسياسة مع تفاصيل الحياة الثقافية للأفريقيين أمريكيين في أدائها واستخدام صوتها كوسيلة للتأمل بهذه الجوانب". 

بمنتصف عام 2022، أعلنت جامعة تكساس ستيت عن مقرر مكرّس لدراسة هاري ستايلز وتأثيره الأيقوني على ثقافة البوب، عنوان "هاري ستايلز والنجومية: الهوية والإنترنت وثقافة البوب الأوروبية". لا تنحصر مواضيع المقرر على مسيرة هاري ستايلز فحسب، بدءًا من انطلاقته كأحد أعضاء فرقة ون دايركشن حتى مسيرته كفنان مستقل وإصداراته العديدة بعدها، بل تناقش أيضًا توجّهاته فيما يتعلّق بالاستدامة والمساواة ما بين الجنسين وغيرها. 

استخدمت العديد من الجامعات مسيرة الفنانة تايلور سويفت كنهج يدرّس، بسبب شعبيتها الواسعة، ففي ربيع 2022، أتاحت جامعة نيويورك فرصة لتحليل مسيرة تايلور سويفت واستكشاف تأثيرات البوب والكانتري على كتاباتها، وذلك ضمن مقرر دراسي من معهد Clive Davis قدمته كاتبة ذا رولينغ ستونز: بريتني سبانوس. وفي نهاية الفصل الدراسي ذاته، منحت جامعة نيويورك الفنانة الدكتوراه الفخرية في الفنون الجميلة، ودعتها لإلقاء كلمة التخرج في حفل عام 2022. بعد ذلك بعدة أشهر، أعلنت جامعة تكساس عن مقرر جديد يستخدم أعمال تايلور كمدخل لطرق القراءة النقدية والبحث الأدبي، كما كشفت جامعة ولاية أريزونا عام 2023 عن مقرر بعنوان "علم النفس لتايلور سويفت: مواضيع متقدّمة في علم النفس الاجتماعي". 

تقدّم جامعة جورج تاون مادة دراسية بعنوان "سوسيولوجيا الهيب-هوب: جاي زي" على يد البروفيسور والكاتب مايكل إيريك دايسن، والتي تتضمّن محاورًا مثل الهوية الجندرية والعرقية والرأسمالية، بجانب مسيرته كأحد أيقونات الهيب هوب. يتضمّن المنهج أيضًا متطلّبات مسبقة مثل قراءة بعض الكتب التي تم تأليفها تقديرًا لمسيرة الفنان، مثل Empire State of Mind: How Jay-Z went from Street Corner to Corner Office. 

في عام 2022، أعلن البروفيسور والفنان ياسين السلمان (المعروف بإسمه الفني: نارسي) عبر صفحته في إنستغرام عن تدريسه لأول مقرر جامعي مكرّس بالكامل لـ يي، وذلك في جامعة كونكورديا الكندية، موضحًا أنها "فرصة لمناقشة العالم من خلال دراسة أحد أكثر الفنانين تأثيرًا بجيلنا. هذه المادة لا تتعلّق بكانييه فقط، بل عن المجتمع والإبداع والمسؤولية والشهرة وتأثيرها على الإنسان وأحلامه وكوابيسه. والأهم من ذلك، تحقيق الذات".

يقدّم البروفيسور والفنان ياسين السلمان مقررًا آخر في جامعة كونكورديا في كندا بعنوان "الهيب هوب وما هو أبعد من ذلك: كندريك وتعبير الجماعة"، والذي يتناول عدّة محاور مثل مسؤولية الفنان وأزمة صناعة الموسيقى والاستعمار وغيرها. ذكر البروفيسور عن هذا المقرر: "هذه الحصة مبنية على التجربة الحية. سنشاهد أفلاماً ونستمع للموسيقى ونحلل الكلمات ونزور المتاحف والمكتبات، وندخل مساحات ثقافية ونحاور مبدعين. إنها مساحة للتفكير النقدي، والانفتاح على طرق جديدة للتواصل مع الذات والعالم، تماماً كما يفعل الهيب هوب". 

بعد أن ذاع صيت قضية الوصاية القانونية لبريتني سبيرز التي شغلت العالم في 2021 قدّمت جامعة ويليام باترسون في نيوجيرسي مقررًا إلكترونياً بعنوان “#FreeBritney”. يستند المقرر إلى تجربة بريتني كنقطة انطلاق ثقافية معاصرة، لبحث قضايا حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في السياق القانوني. ذكرت البروفيسورة باميلا بريانتي، رئيسة برنامج دراسات ذوي الاحتياجات الخاصة بالجامعة، على الموقع الرسمي للجامعة: "أنا متحمسة جداً لهذا المقرر. إن الوصاية القانونية قضية تتعلق بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. جوهرها يتمحور حول من يملك حق اتخاذ القرار ومن لا يملكه، لأننا كبالغين من حقنا أن نتخذ قرارات خاطئة أحياناً". 

قدّمت جامعة رايرسون الكندية (التي تُعرف حالياً باسم X University) في خريف عام 2021 مقررًا جامعي بعنوان " تحليل دريك وذَ ويكند"، ليركّز على تمثيل مشهد الموسيقى الكندية ومشاكل البنية التحتية فيه، وهي بذاتها عوامل دفعت كِلا الفنانين إلى بناء مسيرتهما المهنية في الولايات المتحدة بدلاً من كندا.

ذكر المشرف على المقرر، البروفيسور دالتون هيغينز، عبر إنستغرام: "حان الوقت للاعتراف بأيقونات الراب والآر-أند-بي الكنديين وإدراجهم أكاديمياً أو بأي طريقة أخرى. من المهم أن يقوم الأكاديميون والمؤرخون بدراسة مشهد الموسيقى في تورنتو الذي أبرز دريك وذَ ويكند ومهّد لنجاحهما الكبير". 

قدّم معهد كلايف ديفيس في جامعة نيويورك خلال فصل خريف 2022 مقررًا يتمحور حول لانا ديل ري، يهدف إلى دراسة علاقتها بالحركات النسوية وقضايا العدالة الاجتماعية بعنوان "مواضيع في الموسيقى المسجّلة: لانا ديل ري". يناقش المقرر أيضًا مواضيعًا مميزة مثل البعد البصري الآسر لأعمالها، واهتمامها بمواضيع معيّنة مثل الصحة النفسية وعلاقات الحُب المسمومة. 

قدّمت كلية سكيدمور في نيويورك عام 2014 مادة في علم الاجتماع عنها بعنوان "علم الإجتماع ومايلي سايرس: العِرق والطبقة الاجتماعية والجندر والإعلام". تناولت هذه المادة العديد من التغيّرات التي مرّت بها الفنانة خلال مسيرتها الموسيقية، مثل انتقالها من نجمة مسلسل هانا مونتانا إلى أيقونة بوب. 

مثّلت ريهانا أحد مِحوري مقرر دراسي تم طرحه في جامعة تكساس بأوست بعنوان "نسوية بيونسيه ومرأوية ريانا"، بقيادة البروفيسورة المشاركة أوميشيكي تينسلي، والتي قامت بتحليل ارتباط كلّ من الفنانتين بمبادئ النسوية التي يتبناها الأفريقيين-الأمريكيين. 

تعتبر ليدي غاغا من أوائل فنانات البوب اللاتي تم تكريس مقرر دراسي لهم، حيث طرحت جامعة ساوث كارولاينا في ربيع عام 2011 مقررًا دراسيًا بعنوان: "ليدي غاغا وسوسيولوجيا الشهرة"، قدّمه البروفيسور ماثيو ديفليم، الذي ألّف لاحقًا كتابًا يحمل العنوان نفسه.

وفقًا لـ بي بي سي، لم يكن هدف المقرر تحليل شخصية غاغا بقدر ما كان التركيز على دورها كظاهرة اجتماعية، حيث تناول جوانبًا ذات صلة بعلم الاجتماع في موسيقاها وفيديوهاتها وأزيائها وغير ذلك.