توفي زياد الرحباني عن عمر يناهز 69 عاما بعد مسيرة فنية امتدت لنحو نصف قرن ترك خلالها إرثًا لا يُنسى في الموسيقى والمسرح.
قدم زياد، نجل النجمة فيروز والموسيقار الراحل عاصي الرحباني، على مدار مشواره أعمالاً يصعب محوها من ذاكرة الفن اللبناني والعربي، سواء من خلال تعاونات شهيرة مع والدته في ألبومات مثل "كيفك انت؟" و "وحدن" أو مع الراحل جوزيف صقر في "عايشة وحدا بلاك" وغيره من الفنانين.
ولعل أهم ما يمكن أن يُقال عنه بعد وفاته هو أن زياد لم يكن فقط امتداداً فنياً لفيروز والأخوين رحباني، بل ترك بصمة شخصية خالدة على إرث الرحابنة وأضاف إليه وتمرّد عليه، إلى درجة يمكن معها تقسيم مشوار فيروز إلى مرحلتين رئيسيتين: الأولى مع عاصي ومنصور الرحباني، والثانية مع زياد.
عًرف بآراء سياسية مثيرة للجدل أثرت على شعبيته في لبنان والوطن العربي لعدة سنوات، غير أن أعماله المسرحية تحديداً وثّقت بمزيج من الإبداع الفني والسخرية السياسية واقعاً لبنانياً مريراً خلال سنوات الحرب الأهلية على وجه الخصوص.
الرئيس اللبناني ينعي زياد رحباني
نعاه سياسيون من كافة الأطياف اللبنانية. وصفه رئيس الجمهورية جوزيف عون بأنه "لم يكن مجرد فنان، بل حالة فكرية وثقافية متكاملة". كان الوصف الأكثر تداولاً بين الفنانين الذين نعوه على السوشال ميديا هو "العبقري".
ولد زياد في 1 يناير/ كانون الثاني 1956 في أنطلياس. بدأ مشواره الفني في سنوات المراهقة، فكان أول ألحانه لفيروز أغنية "سألوني الناس" عام 1973 بعد دخول والده المستشفى. في العام نفسه، كتب وأخرج أولى مسرحياته "سهرية"، قبل أن يتبعها بعام واحد بمسرحيته الشهيرة "نزل السرور".
عُرف زياد بحبه لموسيقى الجاز فكان تأثيرها واضحاً في أعماله الغنائية والموسيقية. وصف هذا التأثير في مقابلة نشرتها وكالة الأسوشيتدبرس الأميركية عام 1988 بأنه "مزيج بين الهمبرغر والفلافل."
قال وقتها: "يجب على الموسيقى التقليدية أن تتطور لتواكب الزمن. كل شيء يجب أن يتطور"
أعمال زياد وفيروز
كان هذا التطور الذي تحدث عنه واضحاً في أعماله الموسيقية، مثل "يا أبو علي" وتوزيع "مقدمة مسرحية ميس الريم". كما كان واضحاً أيضاً في تعاونات شهيرة مع فيروز.
ويمكن القول إن زياد، ومنذ بداية الثمانينات، كان قد أصبح بالفعل القوة الموسيقية المحركة لمشروع والدته الموسيقي؛ ليتمكن من تقديم فيروز بحلة جديدة مع أعمال مثل ويقدم لها أغاني خالدة بالذاكرة، مثل "كيفك إنت" و"لبيروت" و"ولا كيف".
مسرحياً، قدم زياد أعمالاً جمعت الفن بالسياسة ولاقت نجاحا استثنائيا، مثل "بالنسبة لبكرة شو؟" و"فيلم أمريكي طويل" و"شي فاشل"، والتي كانت بمثابة صرخات فنية تطرقت إلى القضايا الاجتماعية والسياسية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية بأسلوب ناقد حاد.