ينتمي جورج نعمة لعائلة تتنفس الفن، حيث إنّ كل فرد من أفرادها يمتلك موهبة موسيقية فريدة؛ من والده إلى إخوته الثمانية. لذلك لم يكن من المستغرب أن يدخل عالم الفن في سن صغيرة ويظهر على المسرح ويغني عندما كان يبلغ الحادية عشرة من عمره، لكنها لم تكن أي بداية، حيث ظهر إلى جانب أيقونة الموسيقى اللبنانية وديع الصافي، لتشكّل هذه اللحظة علامة فارقة في انطلاقته.
عندما كان جورج لا يزال صغيرًا، تنبّه زياد الرحباني إلى موهبته، ودعاه ليكون المغني الرئيسي في عدد من حفلاته الموسيقية. لم يقف طموحه عند هذا الحد، بل قام بجولة مع الأسطورة فيروز كمغنٍّ منفرد، وشارك في مسرحية "صح النوم" للأخوين الرحباني. هذه التجارب الغنية والمتنوعة أثّرت بشكل كبير على تطور أسلوبه الفني وصقلت موهبته الفريدة، وأعطته دفعة قوية في بدايته.
لم يكتفِ جورج نعمة بالتجارب العملية فقط، بل سعى لتعزيز معرفته الموسيقية من خلال متابعة دراساته الأكاديمية، حيث تلقى دروسًا متقدمة في البيانو والعود والغناء الشرقي وتاريخ الموسيقى والأوركسترا في الجامعة. هذا الاهتمام الكبير بالتعليم الموسيقي كان له الأثر العميق في تكوين رؤيته الموسيقية التي تمزج بين الأصالة والحداثة. بالتزامن مع ذلك، كان جورج نعمة يقدّم كوفرات لأغاني قديمة، ليتعرّف عليه الجمهور من خلال الأغاني التي قدمها لفيروز وملحم بركات ووديع الصافي وغيرهم، ويبدأ باكتساب قاعدة جماهيرية.
لم يقتصر شغف جورج نعمة بالموسيقى على الأداء فقط، بل شمل أيضًا التأليف والإخراج، حيث قام بتأليف الموسيقى التصويرية لعشرات الأفلام القصيرة. كما أخرج الموسم الثاني من "إثنوفوليا" وهو وثائقي عن الموسيقى والثقافة العرقية من تقديم شقيقته عبير نعمة، وتم تصويره في عدة بلدان ما أضفى عليه غنىً ثقافياً وفنياً.
خاض جورج نعمة تجربة موسيقية عالمية مثيرة للاهتمام في عام 2013 بانضمامه إلى OK World، وهي مجموعة من الموسيقيين العالميين الذين يمزجون الموسيقى العرقية من عدة ثقافات. قدموا معًا ألبومًا وقاموا بجولة في أوروبا، وشارك معهم في مهرجان أوسلو للموسيقى العالمية في النرويج ومهرجان La Mar de Musicas في إسبانيا. هذا التنوّع الثقافي والإبداعي كان له دور كبير في ثَقل تجربته الفنية.
بدأ جورج نعمة بإنتاج أغانيه الخاصة في العام 2016، وكانت أولى إصداراته أغنية "يا تفيدة"، وأتبعها بالعديد من الأغاني الناجحة مثل "بتتذكري" و"متلك ما في" و"بدي الرضا" و"بكير". عكست هذه الأغاني التزامه بروح الأغنية اللبنانية الأصيلة، وصبّ جهده للحفاظ على إرثها وطابعها الفريد كما عمل على تجديدها بروح عصرية. أخذت أغانيه الجمهور في رحلة إلى الماضي الجميل وقصص الحب القديمة، هذا ويعتبره البعض حارسًا للتراث الموسيقي اللبناني وملهمًا لجيل جديد من الفنانين.
كان للعائلة حضور دائم وخاص في مسيرة جورج نعمة، فمنذ بداياته كانت المحور الرئيسي الذي يدور حوله كل شيء، وليس غريبًا أن نشاهده يغني باستمرار مع أفراد عائلته، حيث يتشاركون في الأداء الموسيقي ويخلقون أجواء من الدفء والتآلف، تبدو متناغمة مع شخصيته الموسيقية المرتبطة بالجذور. تجلّى ذلك بشكل واضح خلال فترة الحجر الصحي في زمن جائحة كورونا، حيث أصدرت عائلة نعمة أغنية "رح نرجع" التي لحّنها جورج بنفسه.