في زمن الترندات والأغاني السريعة التي تعيش يومًا وتُنسى في اليوم التالي، استطاعت أغنية "لا" للفنان المغربي ديستانكت أن تكون بين أغانيه الاكثر استمرارية، محافظةً على مكانها بين الأغاني الأكثر استماعًا على قائمة بيلبورد عربية هوت 100 طوال 98 أسبوعًا متواصلاً، لتصبح واحدة من أنجح الأغاني العربية التي حققت حضورًا مستمرًا لسنتين تقريبًا. ولم تسبقها في هذا الإنجاز سو أغنية "كلام عينيه" لشيرين، التي استطاعت الحضور على القائمة طوال 100 أسبوع دون انقطاع.
حين صدرت "لا" للمرة الأولى ضمن ألبوم "ليالي"، لم تحظَ بالكثير من الصخب، رغم أن الأغنية كانت تحمل بذور نجاحها: مزج ذكي بين البساطة اللفظية والإيقاعات الحيوية التي صارت علامة ديستانكت الخاصة. ومع تصاعد استخدامها في مقاطع تيك توك، تحوّلت فجأة إلى ظاهرة رقمية دفعت الفنان لإعادة إحيائها بفيديو كليب مصوّر في باريس، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها التجارية والشعبية.
لكن قصة “لا” لا تتوقف عند نجاحها الرقمي؛ فالأغنية مثّلت أيضًا عودة ديستانكت إلى جذوره العربية بعد نشأته في بلجيكا، وتجسيدًا لهدفه في الغناء بكل اللهجات. ففيها غنّى باللهجة المصرية، ومن بعدها غنّى باللهجة الخليجية والعراقية والسورية، ليؤكد أن الموسيقى بالنسبة له ليست جغرافيا بقدر ما هي لغة مشتركة.
نجاح "لا" الممتد يبرهن أن الأغنية التي تتّصل بوجدان الناس ليست بالضرورة الأغنية التي “تضرب” سريعًا، بل تلك التي تعرف كيف تبقى. إنها أغنية صنعت جمهورها بصبر، وأثبتت أن كلمة صغيرة يمكن أن تفتح أبوابًا واسعة نحو العالمية.

