تحتفل بيلبورد عربية هذا الأسبوع بمرور 100 أسبوع على إطلاق قائمتيها الرئيسيتين: هوت 100 للأغاني و100 فنان للفنانين. انطلقت القائمتان في ديسمبر 2023، بعد ستة أشهر فقط من تدشين المنصة، وجاءتا منذ البداية امتداداً طبيعياً لشبكة القوائم العالمية لـ Billboard، المؤسسة التي تضع منذ أكثر من سبعين عاماً المعيار الأبرز لقياس نجاح الموسيقى حول العالم.
لم تكن الفكرة يوماً معزولة، بل مشروعاً يربط المشهد العربي بالمشهد الدولي، ويضع الفنانين والأغاني العربية في إطار عالمي موحّد من حيث منهجية القياس والاعتماد على الأرقام والشفافية في الترتيب. وجدير بالذكر أن بيلبورد عربية ولدت من شراكة SRMG مع بيلبورد العالمية، لتجلب إرثاً يمتد لأكثر من 130 عاماً إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واليوم، وبعد 100 أسبوع، لم تعد القوائم مجرد أداة للرصد، بل منصة تُعيد رسم المشهد الموسيقي العربي وتفتح أبواب العالمية أمام فنانيه.
من قائمتين إلى شبكة متكاملة
خلال هذه الرحلة، لم تقتصر التجربة على القائمتين الرئيسيتين، بل توسعت بيلبورد عربية لتضم تسع قوائم ملحقة متخصصة، تغطي ألوان المشهد العربي المتنوعة:
أعلى 50 خليجي
أعلى 50 مصري
أعلى 50 ليفانتين (المشرق)
أعلى 50 مغاربي
أعلى 50 إندي عربي
أعلى 50 هيب هوب
أعلى 50 شيلات
أعلى 50 مهرجانات
أعلى 50 تيك توك
وبهذا أصبحت القوائم منصة جامعة لا تعكس فقط الأغنية العربية الأكثر استماعاً، بل تضيء على المشاهد الموسيقية المحلية، والتيارات المستقلة، والحركات الشعبية، في صورة واحدة متكاملة.
تحديث الصحافة الموسيقية في العالم العربي
منذ لحظة الانطلاق، كان الهدف أبعد من مجرد عرض أرقام. بيلبورد عربية تسعى إلى تحديث الصحافة الموسيقية في المنطقة، عبر تقديم محتوى يعتمد على الإحصاءات والبيانات الموثوقة.صحيح أن الأرقام ليست المعيار الوحيد للحكم على قيمة الموسيقى، لكنّها تبقى الأداة الأكثر موضوعية ودقة، وتمنح الفنانين والجمهور والإعلام مرجعاً شفافاً يمكن الاعتماد عليه لرصد النجاحات وفهم الاتجاهات.
هكذا تتحول القوائم إلى مرآة لحركة الاستماع، وإلى أداة تحليلية تساعد الصحافيين والمهتمين بصناعة الموسيقى على قراءة المشهد بطريقة جديدة، بعيداً عن الانطباعات أو الاجتهادات الشخصية.
كيف تُبنى القوائم؟
المنهجية في بيلبورد عربية واضحة: حساب الاستماعات الفعلية للأغاني عبر مختلف المنصات الرقمية، من سبوتفاي وApple Music إلى يوتيوب وأنغامي وديزر.
ورغم أن معظم المنصات تملك قوائمها الخاصة، إلا أن ما يميز بيلبورد عربية هو كونها جامعة، إذ تجمع البيانات من كل المنصات لتقديم صورة شاملة للمشهد الموسيقي العربي.
تضمّ قوائم بيلبورد عربية الفنانين والأغاني العربية الأكثر استماعًا كل أسبوع في جميع أنحاء العالم، بناءً على نشاط منصات الاستماع في أكثر من 200 منطقة - بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - بحسب ما رصدته Luminate. وتُغطّي البيانات فترة أسبوعية محددة تبدأ من يوم الإثنين حتى يوم الأحد، وتعلن يوم الخميس التالي.. بحيث تُعلن القوائم وتُحدّث بشكل ثابت على موقع بيلبورد عربية، وهو ما يمنح الجمهور والصناعة مواعيد دقيقة ومنتظمة للمتابعة والرصد. ولا يتم الاكتفاء بحساب أرقام الاستماع المباشرة فحسب، بل باتباع نظام وحدات قياس، تحصي كذلك المبيعات الرقمية واشتراكات المستخدمين.
هذا النهج يتماشى مع مع أسلوب Billboard عالمياً في إحصائها لبيانات قوائمها، التي توحد بيانات البثّ الرقمي والمبيعات من أكثر من 200 دولة لتصنع مرجعاً واحداً يقيس نجاح الأغاني في العالم.
لماذا القوائم مهمة؟
الاحتفال بمرور مئة أسبوع ليس مجرد رقم رمزي، بل هو تأكيد على الأهمية الجوهرية للقوائم في صناعة الموسيقى. فالتجربة العالمية أثبتت أن القوائم قادرة على رسم مسارات مهنية للفنانين وفتح أبواب الاعتراف الدولي أمامهم، كما أنها تؤثر بشكل مباشر في ذائقة الجمهور وتحدد ما يسمع وما ينتشر. وإلى جانب ذلك، تلعب دوراً محورياً في توجيه الصناعة من خلال تقديم بيانات دقيقة للمنتجين والشركات والمستثمرين، لتصبح مرجعاً يعتمد عليه في رسم الاستراتيجيات المستقبلية. والأهم أن القوائم تصنع ذاكرة موسيقية يمكن العودة إليها لقراءة التحولات والتطورات عبر السنوات. وفي السياق العربي، تكتسب بيلبورد عربية قيمة مضاعفة، فهي لا تكتفي بتوثيق الأغاني الأكثر استماعاً، بل تضع الموسيقى العربية على الخريطة العالمية بمنهجية تتوافق مع أعلى المعايير الدولية.
بداية لمرحلة جديدة
بعد 100 أسبوع من العمل المتواصل، يمكن القول إن بيلبورد عربية لم تعد مجرد تجربة، بل أصبحت مرجعاً عربياً وعالمياً للموسيقى الناطقة بالعربية. ومع تراكم مئة أسبوع من البيانات المستمرة، بات لدينا سجل غني يتيح قراءة دقيقة لمسارات الفنانين، تحولات الذائقة، وصعود أنماط موسيقية جديدة، وهو ما يضيف بعداً حاسماً لفهم التطور الموسيقي العربي من خلال الأرقام لا الانطباعات وحدها.
ومن هنا تنطلق سلسلة من المقالات التحليلية والاحتفالية، سنستعرض فيها أبرز الأرقام والاتجاهات والقصص التي شكّلت هذه المرحلة، ونحاول من خلالها رسم صورة أوضح لمستقبل الموسيقى العربية في زمن الأرقام والانتشار الرقمي. إنها لحظة رمزية، لكنها أيضاً بداية لمسار طويل، حيث تتحول القوائم إلى أداة للفهم، التحليل، والتوثيق، وإلى وسيلة لتثبيت حضور الأغنية العربية على الساحة العالمية. وبمناسبة مرور 100 أسبوع، سنطلق مجموعة مقالات مبنية على قراءة هذا الرصيد المتراكم من البيانات، لنكشف من خلالها كيف أعادت بيلبورد عربية رسم خريطة الموسيقى العربية.






