يفتتح أحمد سعد ثالث أغنية يقدّمها في "جلسات بيلبورد عربية" بالتلييل، فيما تتحرك أصابعه لا إراديًا فيما يتنقل عبر الطبقات، كأنه يضبط الـ "يا ليل ياعين" التي يؤديها صوته بتمكن صعودًا ونزولًا بآلة تعزفها أصابعه. ينتهي من التلييل فيصيح ليقود الآلات والعازفين من حوله: "سالسا!" لينطلق الجيتار الإسباني مصحوبًا بصوت العلامات المميزة على الكيبورد. وما بين الإنطلاقة الشرقية، وصيحة البدء التي قادت إلى التوزيعات اللاتينية الساحرة، نميز أننا مقبلون على سماع نسخة مختلفة كليًا من أغنيتنا المفصلة لأحمد سعد.
لربما كانت "إيه اليوم الحلو ده" من بين أكثر الأغنيات التي كتبنا عنها وحللناها في بيلبورد عربية. وجدنا دومًا ما يجذبنا للعودة إليها كظاهرة سحرت العالم العربي بأكمله، وحضورها المستمر في المراكز المتقدمة على قوائم بيلبورد عربية للأغاني العربية الأكثر استماعًا حول العالم هو أكبر برهان على ذلك. اجتمعت في "إيه اليوم الحلو ده" عناصر متكاملة سمحت لها بأن تتحول إلى هيت بكل المقاييس وتتجاوز نجاح فيلم "عمّهم" الذي أُنتجت لأجله في صيف العالم 2022. من أداء أحمد سعد وصوته المليء بالبهجة، والمدعوم بألحان أحمد طارق يحيى وتوزيعاته إلى جانب مرسال، ووصولًا إلى كلمات منّة عدلي القيعي التي صممت الأغنية كقنبلة من التفاؤل والطاقة الإيجابية، مدعومة بمفردات غير نمطية وتعابير خارجة عن المألوف جعلت المستمع لا يمل من تكرارها واستيعابها من جديد: "مترستق والانبساط لازقلي لزقة ده ما صدق/ ليه مزمزء جايين نحلي لو حتي كل الدنيا بتحدق".
أما في اختياره لأدائها من بين أربع أغنيات تختصر نجاحات سنواته الأخيرة في أولى "جلسات بيلبورد عربية"، يمنح أحمد سعد الأغنية فرصة للولادة من جديد بثوب يكاد يكون أكثر حيوية وإيقاعية من ثوبها الأصلي، ويمنح المستمعين فرصة للاستمتاع بها كأنهم لم يسمعونها مئات ملايين المرات بالفعل خلال السنة والنصف الماضيين. في الواقع، حافظت جميع الأغنيات الأخرى التي قدّمها في هذه الجلسة، سواء "عليكي عيون" أو "اختياراتي" أو "وسع وسع" على إيقاعية وحيوية مبهجة، بفعل الجيتارات التي تقتبس أسلوبها من جنرات غربية ولاتينية تحديدًا. مع ذلك، استطاع التوزيع الجديد أن يظهر على وجه الخصوص مواضع عاطفية إضافية بالتزامن مع الكلمات، لربما لم نشعر بها بالأسلوب ذاته في النسخة الأولى.






